التعافي والرعاية بعد الإنجاب

ماهي الرعاية التالية للولادة؟

فترة ما بعد الولادة (دور النِّفاس) تُشير إلى الأسابيع الستة الأولى بعد الإنجاب. في هذا الوقت البهيج تكون الأمهات في مرحلة التأقلم والتعافي، وخلال هذه الأسابيع سوف تنشأ رابطة بين الأم وطفلها، وسيكون الوقت قد حان لإجراء الفحص التالي للإنجاب.

التكيُّف مع الأمومة

إنَّ التكيف مع الحياة اليومية بعد الإنجاب له تحدياته الخاصة، وخاصة إذا كنتِ أماً جديدة. لكن يجب أن تُدركي أنَّ اعتنائكِ بنفسكِ لا يقلُّ أهمية عن اعتنائكِ بطفلكِ.

معظم الأمهات الجدُد لا يعدن إلى العمل إلا بعد 6 أسابيع على الأقل من الإنجاب، فهذه المدة تسمح لهن بالتأقلم والاعتياد على الواقع الجديد. بما أنك ستضطرين لإطعام الطفل والتغيير له مراراً، فمن الممكن أن يحرمك ذلك من النوم ليلاً. الأمر الذي قد يُشعرك بالإحباط والتعب، لكن ما يدعو إلى التفائل هو أنكِ ستعتادين في النهاية على روتينٍ يومي.

إليكِ في الوقت الحاضر ما يمكنك فعله لتسهيل الفترة الانتقالية:

  • احصلي على قسطٍ كافٍ من الراحة. احصلي على أكبر قدرٍ ممكن من النوم للتغلُّب على التعب والإرهاق. من الممكن أن يستيقظ الطفل كل ساعتين إلى ثلاثة ساعات ليتغذى، لذا ننصحكِ بالنوم في أوقات نوم الطفل، فذلك يضمن حصولك على قسطٍ كافٍ من الراحة.
  • اطلبي المساعدة
    لا تترددي في قبول المساعدة من العائلة والأصدقاء خلال الفترة التالية للحمل وما بعدها أيضاً. بما أنَّ جسمك يحتاج للتعافي، فإنَّ المساعدة في أعمال المنزل ستتيح لك الحصول على النوم الضروري. إذ يمكن للأصدقاء أو العائلة القيام بتحضير الوجبات، أو شراء الحاجيات اليومية، أو المساعدة في الاهتمام بالأطفال الآخرين في المنزل.
  • تناولي الوجبات الصحية
    التزمي بالنظام الغذائي الصحي لتسريع الشفاء، واحرصي على زيادة استهلاككِ من الحبوب الكاملة والخضار والفواكه والبروتين، ويجب أيضاً أن تُكثري من استهلاك السوائل، خاصة إذا كنتِ مُرضِعة.
  • مارسي التمارين الرياضية
    سيُعلمك طبيبكِ بالوقت الذي ستتمكين فيه من ممارسة الرياضة. لكن يجب ألا تبدأي بنشاطٍ مرهق، بل جربي رياضة المشي بالقرب من المنزل، فتغيير المكان والأجواء سيُشعرك بالانتعاش، وسيمدك بالمزيد من الطاقة.

الحفاظ على الرابطة الأسرية

إنَّ قدوم الطفل يفرض على العائلة بأكملها التعايش مع الوضع الجديد، فخلال فترة ما بعد الولادة، قد يتغير نمط حياتك مع الشريك، إذ من الممكن أن تقل الأوقات الخاصة التي تقضيها معه، مما قد يخلق المشاكل. فهذه الفترة مرهقة ومجهدة، ولكن توجد سبلٌ تمكِّنكِ من السيطرة على زمام الأمور.

كبداية، ننصحك بالتحلي بالصبر، فجميع الأزواج يواجهون تحديات بعد ولادة الطفل. ستحتاجين لبعض الوقت للتأقلم، ولكنك ستتمكنين في النهاية من تحقيق ذلك، فالاهتمام بالمولود الجديد يُصبح أسهل مع مرور كل يوم.

ويجب أيضاً أن تُبقي الحوار مفتوحاً مع جميع أفراد العائلة، فإذا شعر أحدهم بأنَّه مُهمَل، سواء كان الزوج أو الأولاد الآخرين في المنزل، تحدثي عن المشكلة وكوني مُتفهمة. بالرغم من أنَّ احتياجات الأطفال تتطلب من الزوجين الكثير من الوقت والاهتمام لتلبيتها، لكن لا تسمحي لذلك بأن يُشعرك بالذنب عند إمضاء بعض الوقت الخاص مع شريككِ خلال فترة ما بعد الولادة.

مقارنة بين الكآبة النفاسية واكتئاب ما بعد الولادة

من الطبيعي أن تنتابك الكآبة في الفترة التالية للإنجاب. يحدث ذلك إجمالاً خلال بضعة أيام من الإنجاب ويمكن أن يستمر إلى حوالي أسبوعين. في معظم الحالات، ستختلف الأعراض ولن تلازمك طول الوقت. حوالي 70 إلى 80 بالمئة من الأمهات الجدد، يختبرن تقلباً في المزاج أو مشاعر سلبية بعد الإنجاب.

تحدث الكآبة نتيجة التغيُّرات الهرمونية، ويمكن أن تشمل أعراضها:

  • بكاء غير مبرر
  • انفعالية
  • أرَق
  • حزن
  • تقلبات في المزاج
  • ارتباك

متى يجب عليك زيارة الطبيب؟

الكآبة النفاسية تختلف عن اكتئاب ما بعد الولادة. إذ يحدث اكتئاب ما بعد الولادة حين تستمر الأعراض لأكثر من أسبوعين.
تشمل الأعراض الإضافية شعوراً بالذنب وفقدان القيمة الذاتية، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية. بعض النساء المصابات باكتئاب ما بعد الولادة ينسحبن من عائلاتهن، ولا يشعرن بأيِّ اهتمامٍ تجاه طفلهن، وتراودهن أفكار بأذية الطفل.
يحتاج اكتئاب ما بعد الولادة إلى علاجٍ طبيٍّ. لذا عليك استشارة طبيبك إذا عانيتِ من اكتئابٍ طال لأكثر من أسبوعين بعد الإنجاب، أو إذا راودتك أفكار بأذية الطفل. يمكن لاكتئاب ما بعد الولادة أن يحدث في أيِّ وقتٍ بعد الإنجاب، حتى بعد سنة من الإنجاب.

اقرأ المزيد حول أعراض اكتئاب ما بعد الولادة وعلاجه

التأقلم مع التغيرات الجسدية

بالإضافة للتغيرات العاطفية، سوف تختبرين تغيراتٍ جسدية بعد الإنجاب، مثل اكتساب الوزن. إنَّ خسارة الوزن لا تحدث بين ليلة وضحاها، لذا كوني صبورة. بمجرد أن يُعلمك الطبيب بأنك أصبحت قادرة على ممارسة الرياضة، ابدأي بأنشطة متوسطة الشدة، لعدَّة دقائق يومياً، وزيدي بالتدريج مدة وشدة التمارين. ننصحك بممارسة رياضة المشي أو السباحة أو الانضمام لصفوف الآيروبيك.

تتطلب خسارة الوزن أيضاً الالتزام بتناول الوجبات الصحية والمتوازنة، والتي تضمُّ الفواكه والخضار والحبوب الكاملة. تخسر الأمهات الجدد أوزانهن بسرعاتٍ متفاوتة، لذا لا تُقارني مجهودك الرياضي مع مجهود الأخريات. يمكن للرضاعة الطبيعية أن تساعدك على استعادة الوزن الذي كنت عليه قبل الحمل في وقتٍ أسرع، لأنها تزيد من عدد السعرات الحرارية التي يحرقها جسدك يومياً.

تحدثي إلى طبيبكِ إذا راودتك أسئلة أو مخاوف حول التغيُّرات الجسدية خلال المرحلة التالية للإنجاب.

تشمل التغيرات الجسدية الأخرى ما يلي:

  • تحفُّل الثَّدي
    سيمتلئ ثديكِ بالحليب بعد بضعة أيامٍ من الإنجاب، وهذا أمرٌ طبيعي، لكن التورُّم ( التحفُّل) قد يُشعرك بعدم الراحة، لكنه يتحسن مع الوقت. من أجل تخفيف الشعور بالانزعاج، ضعي الكمَّادات الدافئة أو الباردة على الثَّدي. أمَّا بالنسبة لألم الحلمتين المرافق للرضاعة الطبيعية، فعادة ما يختفي مع تأقلم الجسم. استخدمي الكريم المخصص لتهدئة ألم وتشققات الحلمتين.
  • الإمساك
    تناولي الطعام الغني بالألياف لتحفيز الأمعاء، واشربي الكثير من الماء، واسألي طبيبك عن الأدوية الآمنة. يمكن للألياف أيضاً أن تخفف من البواسير، بالإضافة إلى الكريمات التي تباع دون الحاجة لوصفة طبية، أو الجلوس في حمام المقعدة. أمَّا شرب الماء فيساعد في تخفيف مشاكل التبول بعد الإنجاب. إذا أصبت بالسَّلس، فإنَّ تمارين كيجل قادرة على تقوية عضلات الحوض.
  • التغيرات التي تطرأ على قاع الحوض
    إنَّ المنطقة الواقعة بين المستقيم والمهبل، والتي تُعرف باسم العِجان، تتعرض للتمدُّد وغالباً للتمزُّق أثناء الإنجاب. في بعض الأحيان سيقوم الطبيب بإجراء شقٍّ في هذه المنطقة لمساعدة الأم أثناء المخاض. يمكن أن تساهمي في شفاء هذه المنطقة بعد الإنجاب من خلال ممارسة تمارين كيجل، وتبريد المنطقة بأكياس الثلج الملفوفة بمناشف، والجلوس على وسادة.
  • التعرُّق
    يمكن للتغيرات الهرمونية أن تسبب التعرُّق الليلي بعد إنجاب الطفل. أزيلي البطانيات من على السرير لتحافظي على اعتدال حرارة جسمك.
  • ألم الرَّحم
    إنَّ انقباض الرَّحم بعد الإنجاب يمكن أن يسبب التشنجات المؤلمة، لكن الألم سيختفي مع مرور الوقت. اسألي طبيبك عن المسكنات الآمنة.
  • الإفراز المهبلي
    إنَّ حدوث الإفراز المهبلي خلال أسبوعين أو أربعة أسابيع من الإنجاب هو أمرٌ طبيعي، فبهذه الطريقة يقوم الجسم بطرح الدماء أو الأنسجة من الرَّحم. استخدمي الفوط الصحية إلى حين توقف الإفراز.
    لا تستخدمي السدادة القطنية أو الوابل (الذي يعرف باسم الدش المهبلي، وهو جهازٌ يُستخدم بهدف إدخال تيارٍ من الماء في الجسم لأسباب طبية أو صحية) إلى أن تقومي بمراجعة الطبيب بعد أربعة إلى ستة أسابيع من الإنجاب، أو إلى أن يسمح لكِ الطبيب بذلك. إنَّ استخدام هذه المنتجات خلال المدة التالية للإنجاب مباشرة، يمكن أن يزيد من خطر إصابة الرَّحم بعدوى.
    إذا كان إفراز المهبل يتَّصف برائحة كريهة، أخبري طبيبك بذلك. قد تستمرُّ نقاط الدَّم بالنزول في الأسبوع الأول من الإنجاب، لكن النزيف الكثيف ليس بالأمر المتوقَّع. إذا حدث نزيفٌ مهبليٌّ كثيفٌ، يجعلك تغيرين فوطة صحية خلال ساعتين فقط، فعليك عندئذٍ الاتصال بالطبيب.

الخلاصة

يمكن للإنجاب أن يؤثر على الوحدة الأسرية وعلى عاداتكِ اليومية، ولكنك ستتأقلمين في النهاية، وأية تغيُّرات عاطفية أو جسدية تختبرينها بعد الإنجاب سوف تتحسَّن ببطءٍ. لا تتردَّدي في التحدُّث مع طبيبك عن مخاوفكِ، سواء كانت متعلقة بالاكتئاب أو بطفلكِ أو بعملية الشفاء.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top