إن أكل الثُّوم وإهمال تنظيف الأسنان بانتظامٍ ليسا السَّببان الوحيدان لرائحة الفم الكريهة، فلهذه المشكلة 17 سبباً شائعاً سنتعرَّف عليهم وعلى حلولهم في هذا المقال.
نَفَسٌ كريهُ الرَّائحة
إن رائحة النَّفس الكريهة غير مؤذية في العادة، ولكنها من المشاكل المحرجة جداً لدرجة أن أحداً لن يُنبهك لوجودها. على المستوى الميكروبي، فإن رائحة الفم الكريهة تحدث عند قيام البكتيريا التي تُوجد بشكلٍ طبيعيٍّ في الفم، بتفكيك جزيئات الطَّعام المُتبقية بين الأسنان، وعلى طول خطِّ اللثة، وخاصة تلك الموجودة على اللسان، وتُطلق عملية التَّفكيك تلك مجموعةً من المركبات ذات الرائحة الكريهة، مما يؤدي لحدوث مشكلة النَّفس الكريه الرائحة، أو ما يدعى بصيغةٍ رسميةٍ أكثر بالبخر الفمويhalitosis.
من الجيد أن تلك المشكلة عادةً ما تكون مؤقتة، ولكن المؤسف هو أنها تحدث نتيجة عدم التَّقيد كما يجب بعادة تنظيف الفم بالفرشاة والخيط، بالإضافة لمجموعةٍ من الأغذية والعادات السَّيئة الأخرى. وإليك 17 سبباً لرائحة فمك الكريهة.
عند الاستيقاظ
لعلَّك معتادٌ على نَفَسك الكريه في الصَّباح، وتعدُّه أمراً بديهياً، ولكنك قد لا تعرف سبب حدوثه، فإليك السَّبب: أثناء النَّوم يتباطأ إنتاج اللعاب في الفم كثيراً، فتستغلُّ البكتيريا ذلك وتنشط خلال النَّوم، وبما أن اللعاب يُساعد على تنظيف الفم، فإن نقصانه قد يجعل رائحة النَّفَس كريهة إلى أن يتمَّ تنظيف الأسنان في الصَّباح التالي، ويُعتبر نَفَس الصَّباح بأنه أمرٌ طبيعيٌ تماماً.
التَّنفس عبر الفم
يمكن للتَّنفس عبر الفم أن يؤدي لتبخُّر اللعاب، وبالتالي لجفاف الفم وخفض قدرته على غسل جزيئات الطَّعام.
يقول هادي الرفاعي “Hadie Rifai” الذي يعمل كطبيب أسنان في عيادة كليفلاند: بعض الناس يتنفسون عبر أفواههم أثناء النَّوم، ولكن الكثير من الناس يفعلون ذلك أيضاً خلال ممارستهم للتَّمارين الرياضة (في الواقع، يعمل الخبراء حالياً على دراسة أهمية نظافة الأسنان بالنسبة للرياضيين: ففي إحدى الدراسات التي أُجريت في عام 2015 من قبل باحثين في ألمانيا، وُجِد أنه كلما طال الزَّمن الذي يقضيه الناس في التَّمرُّن، كلما ازداد احتمال إصابتهم بتسوس الأسنان، وقد خمَّن العلماء أيضاً أن نقص تدفُّق اللعاب خلال ممارسة التَّمارين، قد يلعب دوراً في الإصابة بالتَّسوس )، وبالطَّبع لا يمكن اتخاذ تلك الحقيقة كسببٍ لإيقاف ممارسة التَّمارين، فيقول الدكتور هادي الرفاعي أن كلَّ ما عليك فعله هو الحرص على إبقاء فمك رطباً خلال ممارسة الرياضة، ومن ثم تعويض السَّوائل التي خسرتها بعد الانتهاء من التَّمارين.
تناول بعض الأطعمة ذات الرائحة القوية
الثُّوم والبصل من أشهر الأطعمة ذات الرَّائحة الغير مرغوبة، أما الأطعمة الأخرى فتشمل البهارات والملفوف والكرنب والقرنيط والفجل، وعلى الرَّغم من أن الرَّائحة الواخزة لتلك الأطعمة يمكن أن تختفي بعد ساعةٍ أو اثنتين، لكن لا يزال بإمكانها أن تعود مجدداً عند التجشؤ، ويقول الدكتور جون جربيك “John Grbic”، وهو طبيب أسنان في كلية كولومبيا في مدينة نيويورك: إن رائحة الفم الكريهة الناتجة عن الطَّعام يمكن أن تنبعث من السَّبيل الهضمي، وليس فقط من الفم، فعند هضم الطعام يتمُّ في النهاية امتصاص المواد الكيميائية داخل مجرى الدَّم، ثم تدخل إلى الرئتين حيث يمكن إخراجها لاحقاً.
عدم تناول الطَّعام لفترة طويلة
إن تفويت وجبات الطَّعام هي طريقة تؤدي بالتَّأكيد لانبعاث رائحة الفم الكريهة، وسبب ذلك هو أننا عندما لا نأكل فإننا لا نفرز الكثير من اللعاب، ولكن قد تتساءلون ما أهمية ذلك؟ والجواب يكمن في أن دور اللعاب لا يقتصر فقط على تنظيف جزيئات الطَّعام، بل إنه يعمل أيضاً على تفكيك الطَّعام ليساعده على الانزلاق بسهولةٍ أكبر نحو الحلق ( كما يجب ألا ننسى أن تفويت الوجبات الغذائية لا يُعتبر طريقة جيدة لانقاص الوزن ).
التَّدخين
أضف رائحة الفم الكريهة إلى قائمة المشاكل الصِّحية التي يُسببها التَّدخين، فمن غير المُستغرب أن أضرار التَّدخين لا تقتصر فقط على زيادة كمية المركبات المُنتجة للرائحة الكريهة في الفم والرئتين، بل إن عادة التَّدخين تُسبب أيضاً جفاف الفم مما يؤدي إلى انخفاض إفراز اللعاب، وذلك وفقاً لبحثٍ أجري عام 2004 من قبل باحثين من هونغ كونغ.
تناول الأدوية المُسببة لجفاف الفم
بعض الأدوية – كمضادات الهيستامين ومدرَّات البول ومُضادات الذهان ومرخيات العضلات – يمكنها أن تتسبب بآثارٍ جانبيةٍ تشمل جفاف الفم، وهذا بدوره يمكن أن يُقلِّل من كمية اللعاب الذي يُنتجه الفم، مما يزيد من نموِّ وتراكم البكتيريا فيه.
بما أنك لا تستطيع فعل شيء حيال نظام الأدوية، فإذاً جرِّب تنظيف لسانك إما بفرشاة الأسنان أو بواسطة مكشطة مخصصة للسان، فوفقاً لجمعية طبِّ الأسنان الأمريكية فإن اللسان يأوي معظم البكتيريا المُسببة للنفس الكريه الرائحة، فتنظيف اللسان من خلال كشط سطحه يمكن أن يوقف رائحة الفم الكريهة ولو لمدةٍ مؤقتةٍ على الأقل.
التنقيط الأنفي الخلفي
يعمل المخاط الموجود داخل الأنف على تنقية الجزيئات الغريبة التي تستنشقها من البيئة، وإن هذا لأمرٌ جيدٌ، ولكن ماذا يحدث حين يبدأ المخاط بالتَّراكم في مؤخرة الحلق نتيجة الإصابة بنزلة بردٍ حادةٍ، أو بحساسيةٍ شديدةٍ تجاه غبار الطَّلع؟
عند حدوث ذلك تنتقل تلك الجزيئات الغريبة إلى داخل الفم، وتستقرُّ على سطحه، وتُثير بدورها رائحة النَّفَس الكريهة، وذلك وفقاً لبحث أجري عام 2012 في المجلة الدُّولية لعلوم الفم.
اتباع حمية غذائية قليلة الكربوهيدرات
من المعرف عن الذين يقلِّلون من استهلاك الكربوهيدرات أنهم يشتكون من ارتفاعٍ في معدلات البخر الفموي، وفي الواقع، وجد باحثون من جامعة يشيفا عند مقارنتهم لمجموعة من الناس يتَّبعون حمية منخفضة الكربوهيدرات، بمجموعة أخرى من الذين يتَّبعون حمية منخفضة الدُّهون، أن نسبة الذين أبلغوا عن معاناتهم من رائحة الفم الكريهة في المجموعة الأولى، تفوق نسبة أولئك الذين يعانون من نفس المشكلة في المجموعة الثَّانية، ولكن من الجدير بالذِّكر أن المتَّبعين للحمية المنخفضة الدُّهون اعترفوا بأنهم يعانون من زيادةٍ بالتشجؤ وغازات البطن.
تسوس الأسنان
إن تراكم اللويحات يمكن أن يؤدي لتآكل الأسنان والتَّسبب بالتسوس، وفي حين أن سوء العناية بنظافة الفم يساهم دون شكٍّ بظهور الرائحة الكريهة للفم، فإن تلك “الثقوب” قد تؤدي أيضاً وبطريقةٍ غير مباشرةٍ إلى رائحة الفم الكريهة، ويوضِّح الدكتور جربيك ذلك بالقول: يمكن أن يعلق الطَّعام في الحفر، وبما أنه من الصَّعب تنظيف السِّن المُصاب بالتَّسوُّس، فقد تبقى بقايا الطَّعام تلك عالقةً في الحفر لوقتٍ أطول من الوقت المعتاد، ما قد يؤدي لزيادةٍ في حدة النَّفَس الكريهة ( وتجدر الإشارة هنا أنك ستحتاج لحشوةٍ سنية ).
ارتداء جهاز تقويم الأسنان
إن أجهزة تقويم الأسنان لا تقتصر فقط على مشبك الأسنان، فمثلاً أطقم الأسنان والجسور يصعب أيضاً الحفاظ على نظافتها، ولكن يؤكِّد الدكتور جربيك على أهمية تنظيفها يومياً، لأنها تُعتبر أيضاً من الأمور الرئيسية الجاذبة لجزيئات الطَّعام، التي يمكنها أن تعلق في الجهاز. (كما أظهرت الأبحاث أن أجهزة تقويم الأسنان، تقترن أيضاً بتزايد كمية اللويحات على الأسنان، ومن هنا تنبع الأهمية الكبرى لتنظيف الفم بانتظام ).
الإكثار من الكحول
يستمرُّ أثر الكحول على نَفَسِك لمدةٍ طويلةٍ، وقد وجدت دراسةٌ أجريت عام 2017 أن شرب الكحول ارتبط بزيادة معدلات البخر الفموي، بالرغم من أن الخاضعين للدراسة كانوا قد صاموا لمدة 12 ساعةً في الليل، وكان قد سُمح لهم أيضاً أن ينظفوا أسنانهم بالفرشاة في الصَّباح، وعلى ضوء تلك الدِّراسة يظنُّ مؤلفوها أن الكحول لا يؤدي فقط لجفاف الفم، بل إنه يؤدي أيضاً لانبعاث رائحةٍ معينةٍ تنتج عندما يستقلب الجسم الكحول.
الحموضة المعوية
الغالبية العظمة من حالات البخر الفموي تنجم عن البكتيريا الموجودة في فم الإنسان، ولكن يظنُّ الباحثون أن الأقلية من الناس تحدث لديهم مشكلة النَّفَس الكريه نتيجةً لاضطرابٍ معديٍّ معويٍّ، كالارتجاع المعديِّ المريئيِّ، الذي يتمثل بارتجاع محتوى المعدة إلى المريء، ووجدت دراسةٌ نُشرت عام 2007 في مجلة أمراض الفم، أن مشكلة النَّفَس الكريه كانت سائدة أكثر لدى الذين يعانون من الارتجاع المعدي المريئي، أكثر من الذين يعانون من مشاكل هضمية، وربما يعود سبب ذلك لقدرة المرض على إلحاق الضَّرر بأنسجة الحنجرة.
التهاب الحنجرة
الالتهاب هو عدوى بكتيرية وليست فيروسية، وهذه البكتيريا قادرةٌ على التَّسبب بالنَّفَس الكريه، وليس هذا وحسب، فالأنواع الأخرى لالتهاب الجيوب الأنفية يمكنها أن تتحوَّل إلى التهابٍ بكتيريٍّ يُنتج الرَّائحة الكريهة، والقيح الشَّبيه بالمخاط، بالإضافة لأن بعض أنواع العدوى هذه ترتبط أيضاً بأنواعٍ معينةٍ من البكتيريا المعروفة بإنتاجها لرائحةٍ كريهةٍ مميزةٍ داخل فم المُصاب.
اختلاف مستويات البكتيريا الفموية من شخصٍ لآخر
قد تُلاحظ أن أحد زملائك لا يُعاني من مشكلة النَّفَس الكريه، بل إنه يستيقظ بنَفَسٍ منعشٍ، بينما قد تضطر أنت لتغطية فمك لمدة 30 دقيقة بعد أكلك لبصلة واحدة، وفي بعض الحالات قد لا يكون لذلك أيَّة علاقة بعدد المرَّات الذي ينظِّف بها كلٌّ منكما أسنانه، فتركيب اللعاب والأنواع المختلفة للبكتيريا الفموية ومستوياتها تختلف من شخصٍ لآخر، وهذه كلُّها عواملٌ تؤثر على ما ستكون عليه رائحة الفم في ظروفٍ معينةٍ.
الارتفاع الحادُّ لمستويات السُّكر في الدَّم
لعلَّه ما من داعي للقلق حيال تلك المشكلة، إلا في حال كنت تعاني من النَّوع الأول للسكري، ففي حالة السكري من النَّوع الأول، يمكن أن تتحول رائحة الفم الكريهة إلى رائحةٍ حلوةٍ وشبيهةٍ تقريباً برائحة السُّكر، وبالرغم من ندرة حدوث ذلك التحول، إلا أنَّه قد يكون بمثابة علامةٍ للإصابة بالحُماض الكيتوني السكري، الذي يُعد من الحالات المرضية المُهدِّدة للحياة بالنسبة للمصابين بالسكري ( عادة النَّمط الأول منه )، إذ يمكنه أن يتسبَّب بنوبةٍ قلبيةٍ أو بفشلٍ كلويٍّ، وتشمل أعراضه الأخرى التَّبول المتكرِّر والغثيان وتصلب العضلات، ويُشير الدكتور جربيك إلى أن أطباء الأسنان يلاحظون ذلك على الدوام تقريباً لدى المرضى المصابين بالسكري الذي لم تشخص حالته، وغالباً ما يكون ذلك علامة على ارتفاعٍ حادٍّ وخطيرٍ لمستويات السكر في دم المريض، وعلى الحاجة الملحة والمستعجلة لتلقيه العلاج الطُّبي.
متلازمة شوغرن Sjogren’s syndrome
متلازمة شوغرن هي اضطرابٌ في جهاز المناعة، وتميل للظهور عند النِّساء في منتصف العمر، وعند المصابين بمرضٍ مناعيٍّ ذاتيٍّ، كالتهاب المفاصل الروماتوئيدي والذِّئبَة. (وعلى ضوء ذلك، يمكن القول بأن الشَّباب والأصحَّاء يمكن أن يصابوا أيضاً بمتلازمة شوغرن). غالباً ما يُعاني المصابين بمتلازمة شوغرن بجفافٍ بالفم، والذي يؤدي كما بات معروفاً إلى زيادة خطر البخر الفموي halitosis.
توهُّم الشخص بأن لديه رائحة فم كريهة
يمكن أن يكون لدى ما يصل إلى 1% من الناس اضطراباً يدعى برهاب البخر الفموي، والذي هو عبارة عن اعتقادٍ خاطئٍ للشخص بأن لديه رائحة فم كريهة، إذ تُعتبر تلك الحالة خطرة ومنهكة للغاية، وللتَّوضيح، نحن لا نتحدث عن شكٍّ مُخيِّمٍّ بوجود رائحة فمٍ كريهة، ولكننا نعني الخوف المستمر منها، فالمصابون برهاب البخر الفموي يصبحون مقتنعين تماماً بأن رائحة فمهم الكريهة تُنفِّر وتُبعِد الناس عنهم، وذلك حتى بعد أن يؤكد لهم طبيب الأسنان بعدم وجود تلك المشكلة، ولسوء الحظِّ فإن ذلك الرُّهاب لم يتم دراسته بشكلٍ جيدٍ، ولكن إن كنت تظنُّ أنك تعاني منه، فمن الضُّروري أن تلجأ لمساعدةٍ سيكولوجيةٍ من قبل مرشدٍ أو مختصٍّ.