تشير أدلة حديثة إلى أن النوم الجيد يمكن أن يساعد في حماية الشرايين من التصلب، هذا الاكتشاف يعزز فكرة أهمية النوم الجيد بالنسبة لصحة القلب والأوعية الدموية.
درس خبراء يعملون في مستشفى ماساتشوستس العام (MGH) لبموجود في بوسطن، ماساتشوستس، بالتعاون مع زملائهم من مراكز البحوث الأخرى، تطور تصلب الشرايين لدى عينة من الفئران.
تصلب الشرايين مصلح يطلق على عملية التي تراكم لويحات أو رواسب دهنية على جدر الشرايين،الأمر الذي يؤدي الى تضييقها وتصلبها وهو سبب شائع للإصابة بالعديد من الأمراض.
وجد الباحثون أن الفئران التي تعاني من مشاكل في النوم طورت لويحات أكبر في شرايينها مقارنة مع لويحات الفئران التي نامت جيداً، كما رُصدت كميات كبيرة من الخلايا الالتهابية وكميات أقل من هرمون النيتريكتين لدى الفئران التي تعاني من مشاكل في النوم، علماً لأن هرمون النيتريكتين هو هرمون المخ المسؤول عن اليقظة.
ولاحظ الباحثون أيضًا انخفاضًا في نسبة تصلب الشرايين وانتشار الخلايا الالتهابية في هذه الفئران بعد أن تلقوا مكملات hypocretin.
بحسب دراسة نُشرت في مجلة نيتشر مؤخرًا أُكدت هذه النتائج لدى البشر، فالنوم يؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية من خلال تنظيم إنتاج الكرياتين في الدماغ.
يقول مؤلف الدراسة البارز فيليب ك. سويرسكي الذي يعمل كأستاذ مشارك في كلية الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد ومدرسة هارفارد في بوسطن أيضًا: ” حددنا آلية تحكم هرمون الدماغ ونخاع العظام في إنتاج الخلايا الالتهابية ووجدنا أن النوم يساعد على حماية الأوعية الدموية من التلف “.
النوم والصحة وتصلب الشرايين
يشير المؤلفون إلى أن “النوم جزء لا يتجزأ من الحياة”، وعدم كفاية النوم أو اضطرابه يؤديان الى حدوث مشاكل صحية عامة تؤثر على ملايين الأشخاص.
تقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن 35 بالمائة من البالغين كانوا ينامون بانتظام لأقل من 7 ساعات لكل 24 ساعة في عام 2014.
ربطت الدراسات قلة النوم بالظروف الصحية السيئة الطويلة الأجل، مثل السمنة والسكري من النوع الثاني والاكتئاب وأمراض القلب، إلا أنهم لم يلقوا الكثير من الضوء على الآليات البيولوجية الأساسية التي أدت الى ذلك، هذا ما دفع الدكتور سويرسكي وزملاؤه الى دراسة آلية تأثير النوم على الصحة وكيف يمكن أن يساعد في حماية صحة القلب والأوعية الدموية تحديداً من خلال التركيز على تطور تصلب الشرايين.
يستغرق ظهور لويحات تصلب الشرايين سنوات، تتألف اللويحات من الكالسيوم وجزيئات الدهون والكوليسترول وغيرها من المواد، ينتج عن تراكمها انخفاض في تدفق الدم الغني بالمغذيات والأكسجين.
يؤدي تصلب الشرايين إلى ظهور العديد من الحالات المرضية الأخرى، بما في ذلك أمراض القلب التاجية التي تتطور نتيجة تراكم اللويحات في الشرايين التي تزود القلب بالدم.
النوم المضطرب يزيد من شدة تصلب الشرايين
درست هنا فئران لديها استعداد وراثي للإصابة بتصلب الشرايين، عمد الباحثون الى السماح لنصف عدد فئران التجربة بالنوم بشكل جيد وحرموا النصف الآخر منه.
وجد الفريق عند المقارنة بينها أن الفئران التي حُرمت النوم طورت لويحات شريانية يزيد حجمها عن ثلث حجم اللويحات المتشكلة لدى النصف الاخر، كما أنتجت الفئران المحرومة من النوم ضعف كمية نوع معين من خلايا الدم البيضاء الالتهابية في النخاع العظمي و”المهاد الجانبي”، ورصد لديها أيضاً انخفاض في تركيز هرمون الدم.
من جهة أخرى تطور تصلب الشرايين بشكل أبطأ في الفئران التي حرمت النوم بعد أن أُعطيت جرعات من مكملات hypocretin عند مقارنتها مع المجموعات الأخرى.
لاحظ الباحثون أيضاً أن hypocretin يتحكم في إنتاج خلايا الدم في النخاع العظمي من خلال تنظيم CSF1، وهو أحد أنواع بروتينات الإشارة.
وخلص الباحثون إلى أن الارتفاع في خلايا الدم البيضاء وتسارع تصلب الشرايين في الفئران التي تعاني من اضطرابات النوم كانت نتيجة لانخفاض نسبة هرمون سكر الدم وزيادة في CSF1، بالتالي استنتجوا أن النوم الجيد يحمي الأوعية الدموية من التلف ويقي من تصلب الشرايين عن طريق تنظيم إنتاج hypocretin في منطقة ما تحت المهاد.
يقول مايكل تويري الحاصل على شهادة دكتوراه في الطب والذي يعمل كمدير في المركز القومي لبحوث اضطرابات النوم التابع لـ NHLBI، إن هذه الدراسة تعد من أقوى الدلائل على وجود ارتباطات جزيئية التي بين النوم الجيد وعوامل خطر الإصابة بأمراض الدم والقلب والأوعية الدموية .
“يتم تنظيم الآلية المضادة للالتهابات عن طريق النوم، والحرمان من النوم بشكل متكرر أو اضطراب النوم يؤديان الى تخريب تلك الآلية”