يعتبر القلق مشكلةً شائعةً بالنسبة للكثير من الناس؛ ويعرف بأنه اضطراب يتصف بالقلق المستمر والعصبية وينسب أحياناً إلى الحالة الصحية السيئة للدماغ، وغالبا ما يتطلب الأمر اللجوء إلى المعالجة الدوائية.
بصرف النظر عن الدواء يوجد العديد من الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها للمساعدة في تقليل أعراض القلق من ممارسة الرياضة إلى التنفس العميق؛ بالإضافة إلى ذلك يوجد بعض الأطعمة التي تستطيع تناولها والتي يمكن أن تساعد في تقليل شدة الأعراض ويرجع ذلك في الغالب إلى خصائصها المعززة لصحة للدماغ.
استناداً على العلم سنذكر هنا ستة من الأطعمة والمشروبات والتي قد تؤمن لك تخفيف القلق:
سمك السلمون:
يمكن أن يكون السلمون مفيداً للحد من القلق إذ أنه يحتوي على العناصر الغذائية التي تعزز صحة الدماغ بما في ذلك فيتامين (D) وأحماض أوميغا-3 الدهنية وحمض Eicosapentaenoic (EPA) وحمض Docosahexaenoic (DHA) ؛ تساعد الأحماض EPA و DHA في تنظيم ناقلات الدوبامين والسيروتونين العصبية والتي يمكن أن يكون لها خصائص مهدئة ومريحة.
تشير الدراسات إلى أن هذه الأحماض الدهنية بالإضافة إلى ما سبق يمكن أن تقلل من الالتهابات وتمنع حدوث خلل وظيفي في خلايا الدماغ والذي يؤدي في حال حدوثه إلى تطور الاضطرابات العقلية مثل القلق؛ يمكن أن يؤدي أيضاً استهلاك كميات كافية من أحماض EPA و DHA إلى تعزيز قدرة الدماغ على التكيف مع التغييرات مما يتيح لك التعامل بشكل أفضل مع الضغوطات التي قد تؤدي إلى أعراض القلق.
تم أيضاً دراسة فيتامين (D) لمعرفة الآثار الإيجابية التي يمكن أن يحدثها في مجال تحسين مستويات الناقلات العصبية المهدئة.
قد تكون بعض حصص السلمون في الأسبوع كافية لتشجيع تخفيف القلق؛ في إحدى الدراسات صرح الرجال الذين تناولوا سمك السلمون الأطلسي ثلاث مرات في الأسبوع ولمدة خمسة أشهر عن نسبة أقل من القلق مقارنةً مع أولئك الذين تناولوا الدجاج أو لحم الخنزير أو اللحم البقري؛ بالإضافة إلى ما سبق ذلك فقد تحسنت الأعراض المرتبطة بالقلق لديهم مثل معدل ضربات القلب وتغيُر معدل ضربات القلب.
الخلاصة:
السلمون غني بأحماض أوميغا-3 الدهنية وفيتامين (D) مما قد يساعد على تخفيف القلق عن طريق تعزيز صحة الدماغ.
البابونج
إن البابونج نبات عشبي يمكن أن يساعد في تخفيف القلق حيث أنه يحتوي على كميات عالية من مضادات الأكسدة والتي ثبت أنها تقلل من حدوث الالتهابات وبالتالي يمكن أن يقلل من خطر القلق؛ وقد تبين من خلال عدة دراسات حول العلاقة بين البابونج وتخفيف القلق حدوث انخفاض أكبر بكثير في الأعراض لدى أولئك الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم باضطراب القلق العام(Generalized Anxiety Disorder: GAD) بعد تناول مستخلص البابونج مقارنةً بأولئك الذين لم يفعلوا ذلك.
أعطت دراسة أخرى نتائج مماثلة لما سبق حيث أن الأشخاص الذين تناولوا مستخلص البابونج لمدة ثمانية أسابيع لاحظوا انخفاض أعراض الاكتئاب والقلق لديهم؛ وقد كانت هذه النتائج واعدة مع أن معظم الدراسات أجريت على مستخلص البابونج ومن الضروري إجراء المزيد من البحوث لتقييم الآثار المضادة للقلق التي يمتاز بها لشاي البابونج الأكثر شيوعاً واستهلاكاً.
الخلاصة:
لقد ثبت أن البابونج يساعد في تخفيف القلق بسبب محتواه من مضادات الأكسدة والآثار المضادة للالتهابات.
الكركم:
يعتبر الكركم من التوابل التي تحتوي على الكركمين Curcumin وهو مركب تمت دراسته بسبب دوره الذي يلعبه في تعزيز صحة الدماغ والوقاية من اضطرابات القلق.
وتشير الدراسات التي تم إجراؤها على الحيوانات وباستخدام أنابيب الاختبار إلى أن الكركمين Curcumin يمكن أن يعزز حمض أوميغا-3 الدهني DHA في الدماغ من خلال مساعدة جسمك على تصنيعه بكفاءة أكبر.
في إحدى الدراسات أعطت كمية 20 ملغ / كغم من الكركمين آثاراً مهمة مضادة للقلق لدى الفئران المجهدة مقارنة بتلك التي أخذت جرعة أقل.
يحتوي الكركمين أيضاً على خصائص قوية مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات والتي ثبت أنها تمنع تلف خلايا الدماغ؛ تعود هذه التأثيرات جزئياً إلى قدرة الكركمين على الحد من مؤشرات الالتهابات مثل السيتوكينات التي ترتبط غالباً بتطور حالة القلق.
كما أدى استهلاك الكركمين إضافة إلى ما سبق إلى زيادة مستويات مضادات الأكسدة في الدم، والتي تميل إلى أن تكون منخفضة في الأفراد الذين يعانون من القلق.
ولكن لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث البشرية لتأكيد كل هذه التأثيرات؛ وبكل الأحوال إذا كنت تعاني من القلق فإن إدخال الكركم في نظامك الغذائي يستحق التجربة بالتأكيد.
الخلاصة:
يحتوي الكركم على الكركمين وهو مركب يمتاز بخصائصه المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات التي يمكن أن تخفف من أعراض القلق.
الشوكولاته الداكنة:
إن دمج بعض الشوكولاته السوداء في نظامك الغذائي يمكن أن يكون مفيداً أيضاً للتخفيف من شعورك بالقلق؛ إذ تحتوي الشوكولاته الداكنة على مركبات الفلافونول Flavonols وهي من مضادات الأكسدة التي قد تعزز من عمل وظائف المخ حيث تؤدي هذه المركبات إلى تحسين تدفق الدم إلى الدماغ وتعزيز قدرته على التكيف مع المواقف المجهدة.
يمكن أن تساعدك هذه التأثيرات على التكيف بشكل أفضل مع المواقف المجهدة التي قد تؤدي إلى التسبب بالقلق واضطرابات المزاج الأخرى؛ ويشير بعض الباحثين إلى أن دور الشوكولاتة الداكنة في صحة الدماغ قد يكون ببساطة بسبب مذاقها الذي قد يكون مريحاً لمن يعانون من اضطرابات المزاج.
بينت إحدى الدراسات بأنه عند تناول 74% من الشوكولاتة الداكنة وبمعدل مرتين يومياً ولمدة أسبوعين تحسنت مستويات هرمونات الإجهاد المرتبطة التي تكون مصاحبة للقلق مثل الكاتيكولاميناتCatecholamines والكورتيزول Cortisol لدى الأفراد الذين تناولوها.
كما تبين أن تناول الشوكولاتة الداكنة يزيد من مستويات مادة السيروتونين Serotonin التي تلعب دور الناقل العصبي والتي يمكن أن تساعد في تقليل التوتر الذي يؤدي إلى القلق؛ وعلى سبيل المثال في دراسة خاصة بالأفراد الذين يعانون من الإجهاد الشديد تم تسجيل مستويات منخفضة بشكل ملحوظ من الإجهاد لدى المشاركين بعد تناول 40 غرام من الشوكولاته الداكنة يومياً وعلى مدار أسبوعين، ومع ذلك فالأفضل أن يتم استهلاك الشوكولاته الداكنة بشكل معتدل إذ أنها تحتوي على سعرات حرارية عالية ومن السهل أن تبالغ في تناولها لذلك فإن الوجبة التي تعادل 1- 1.5 أونصة تعتبر وجبة ذات كمية معقولة.
الخلاصة:
قد تكون الشوكولاته الداكنة مفيدة لتعديل وتحسين حالتك عند الشعور بالقلق بسبب مضادات الأكسدة التي تقلل من الإجهاد والقدرة على زيادة مستويات السيروتونين.
اللبن:
عندما تعاني من القلق فإن اللبن يعتبر من الأطعمة الرائعة التي يجب إدخالها ضمن نظامك الغذائي؛ حيث أن البروبيوتيك Probiotics أو ما يدعى بالبكتيريا الصحية المتواجدة في بعض أنواع اللبن يمكن أن تؤدي إلى تحسين العديد من جوانب الصحة بما في ذلك الصحة العقلية.
حيث أظهرت الدراسات أن الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك مثل اللبن يمكن أن تعزز الصحة العقلية ووظائف الدماغ عن طريق تثبيط الجذور الحرة والسموم العصبية التي يمكن أن تلحق الضرر بالأنسجة العصبية في المخ وتؤدي إلى الشعور بالقلق.
في إحدى الدراسات كان الأفراد المصابون بالقلق والذين تناولوا اللبن الغني بالبروبيوتيك بشكل يومي أكثر قدرة على التعامل مع الإجهاد من أولئك الذين تناولوا اللبن الخالي من البروبيوتيك.
كما وجدت دراسة أخرى أن النساء اللائي تناولن 4.4 أونصات أي ما يعادل 125 غرام من اللبن مرتين وبشكل يومي لمدة أربعة أسابيع أدى لتحسن أداء مناطق المخ التي تتحكم في العاطفة والإحساس إذ أن هذه المناطق هي التي يمكن أن تكون ذات علاقة بانخفاض مستويات القلق.
تعتبر هذه النتائج واعدة ولكن من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث على البشر لتأكيد الآثار المفيدة التي قد تحدثها اللبن على الحد من القلق؛ ومن المهم أيضاً الانتباه إلى أنه ليس كل اللبن يحتوي على البروبيوتيك ولكي تحصل على فوائد البروبيوتيك يجب أن تختار اللبن الذي يحتوي على بيئات بكتيرية نشطة حية مدرجة ضمن قائمة المكونات.
الخلاصة:
يحتوي اللبن على البروبيوتيك والتي قد يكون لها تأثير إيجابي على صحة الدماغ ومستويات القلق.
الشاي الأخضر:
يحتوي الشاي الأخضر على الثيانين L-Theanine وهو حمض أميني تمت دراسته لمعرفة الآثار الإيجابية التي يمكن أن يؤدي لها بالنسبة لصحة الدماغ وتقليل القلق.
في إحدى الدراسات المصغرة أظهر الأشخاص الذين تناولوا L-theanine انخفاضاً في استجاباتهم للإجهاد النفسي المترافق عادةً مع القلق مثل زيادة معدل ضربات القلب؛ كما وجدت دراسة أخرى أن أولئك الذين تناولوا مشروباً يحتوي على L-theanine قد تناقصت لديهم مستويات الكورتيزول وهو هرمون التوتر المرتبط بالقلق.
قد تكون هذه الآثار بسبب إمكانية L-theanine على منع المبالغة في الإثارة من الأعصاب. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يزيد L-theanine من GABA وكل من الدوبامين والسيروتونين الناقلات العصبية التي ثبت أن لها تأثيرات مضادة للقلق.
بالإضافة إلى ما سبق ذكره فإن الشاي الأخضر يحتوي على Epigallocatechin Gallate (EGCG) وهو أحد مضادات الأكسدة المعروفة لتعزيز صحة الدماغ والتي قد تلعب دوراً في الحد من الأعراض المعينة عن طريق زيادة GABA أيضاً في المخ؛ وجدت إحدى الدراسات على الفئران أن مركب EGCG أدى إلى توليد وإحداث تأثيرات مضادة للقلق مماثلة لتلك الخاصة بأدوية القلق الشائعة.
يمكن أن تكون الخصائص المفيدة لمركبات L-theanine و EGCG سبباً رئيسياً للعلاقة بين تناول عدة أكواب من الشاي الأخضر يومياً مع تقليل الضيق النفسي.
بالرغم من أن كل هذه النتائج تبدو واعدة ولكن تجدر الإشارة إلى أن معظم الأبحاث حول الشاي الأخضر والقلق قد تم إجراؤها على الحيوانات وضمن أنابيب اختبار؛ ولايزال هناك حاجة إلى المزيد من البحوث على البشر لتأكيد آثارها المضادة للقلق.
الخلاصة:
يحتوي الشاي الأخضر على مركبات الثيانينL-Theanine و EGCG المضادة للأكسدة مما قد يعزز صحة الدماغ وتقليل القلق.
الأطعمة الأخرى التي يمكن تساهم في القلق
على الرغم من أن بعض الأطعمة الموجودة في القائمة التالية لم تتم دراستها بشكل خاص ومحدد من أجل معرفة آثارها المضادة للقلق؛ إلا أنها تعتبر غنية بالعناصر الغذائية التي يعتقد أنها تخفف الأعراض ذات الصلة بالقلق.
-
الديك الرومي المشوي والموز والشوفان:
تعتبر هذه الأطعمة مصادر جيدة للحمض الأميني تريبتوفان Tryptophan والذي يتم تحويله إلى السيروتونينSerotonin في الجسم وهذا المركب يمكن أن يشجع على الاسترخاء وتخفيف القلق. -
البيض واللحوم ومنتجات الألبان:
توفر جميع هذه الأطعمة بروتينات عالية الجودة بما في ذلك الأحماض الأمينية الأساسية التي تنتج الناقلات العصبية الدوبامين والسيروتونين والتي تمتلك القدرة على تحسين الصحة العقلية. -
بذور الشيا Chia:
تعتبر بذور الشيا مصدراً جيداً آخر لأحماض أوميغا-3 الدهنية المعززة لصحة للدماغ والتي ثبت أنها تساعد في تخفيف القلق. -
ثمار الحمضيات والفليفلة الحلوة:
تعتبر هذه الفاكهة غنية بفيتامين Cالذي يمتلك خصائص مضادة للأكسدة يمكن أن تساعد في تقليل الالتهابات ومنع تلف وضرر الخلايا إذ أن هذا الضرر يمكن أن يُحفز القلق. -
اللوز:
يزودنا اللوز بكمية كبيرة من فيتامين E والذي تمت دراسته نظراً لدوره في الوقاية من القلق. -
التوت البري الأزرق:
يعتبر التوت البري الأزرق غنياً بفيتامين C وبمضادات الأكسدة الأخرى مثل الفلافونويدات Flavonoids والتي تمت دراستها بسبب قدرتها على تحسين صحة الدماغ وبالتالي المساعدة في تخفيف القلق.
الخلاصة:
تحتوي بعض الأطعمة على عناصر مغذية معينة يمكن أن تعزز صحة الدماغ وتساعد على منع القلق أو تقليل شدة الأعراض الناتجة عنه.
كنتيجةٍ نهائية:
بشكل عام نجد أن الأبحاث حول موضوع الأطعمة الخاصة وللوقاية من القلق تكون مشتتة ومتفرقة حيث أجريت معظم الدراسات على الحيوانات أو ضمن المختبرات ولا يزال هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات عالية الجودة على البشر؛ ومع ذلك يوجد العديد من الأطعمة والمشروبات التي يمكن أن تساعدك في التعامل مع أعراض القلق الخاصة بك لأنها يمكن أن تقلل من الالتهابات وتعزز صحة الدماغ.