يمكن أن تساعدك معرفة كيف يعمل القلق على دعم أحبابك بشكل أفضل دون أن تزيد من قلقهم عن غير قصد.
عندما انتقلت لأول مرة إلى منزل شريكتي (الآن) في عام 2001 لم تكن تريد وضع اسمي في تحية جهاز الرد على المكالمات لدينا وذلك بسبب الفجوة العمرية الكبيرة وعلاقتنا مثلية الجنس وكانت قلقةً على نحو يمكن أن يتم تبريره بخصوص كيفية رد أهلها على انتقالي لذلك أخفت الأمر عنهم لعدة أشهر؛ وبالرغم من أنني شعرت بقدر كبير من التعاطف معها وعلى حالتها إلا أنني شعرت بالإحباط لأن قلقها كان يؤثر علي – ولم أكن أحب التصرف كما لو كان لدينا شيء نخجل منه.
سيناريوهات مثل هذه شائعة عندما يعاني شخص ما في حياتك من القلق؛ قد يشعر حبيبك بالخوف لدرجة أنه يتجنب اتخاذ أي إجراء أو يتصرف بطرق غير متزنة أو بطريقة يمكن أن تزيد من قلقك.
قد يبدو هذا مثل صديقٍ يؤجل باستمرار تنفيذ المهام أو إجراء المناقشات المهمة أو مثل صديق يشتكي من الشعور بالوحدة ولكنه يرفض المواعدة أو قد يكون مديراً يركز دائماً على ما قد يحدث بشكل خاطئ خلال العمل مسبباً التعاسة للجميع من حوله.
من الصعب أن تراقب القلق لدى شخص تعرفه ويكون الأمر أكثر صعوبة عندما يثير قلقه ويُحفز القلق لديك.
ماذا يمكنك أن تفعل لمساعدة الناس المصابين بالقلق؟
عليك أولاً أن تفهم أن القلق هو سمة مميزة للبشر وليس عيباً؛ يشعر معظمنا بالقلق من وقت لآخر لأنه عاطفة مفيدة بشكل عام والتي تساعدنا على رؤية التهديدات المحتملة وتجعلنا نهتم بالرفض الاجتماعي وتبقينا في حالة تأهب لكي لا نتعرض للخداع، وبالرغم من أن شعور القلق قد يبدو كأنه أمر خاطئ فمن المفيد في الحقيقة أن يتواجد بعض الأشخاص في المجتمع يكونون أكثر حذراً والذين يفكرون كثيراً في الأمور الخاطئة التي يمكن أن تحدث.
ومع ذلك فقد يضطر الناس للتعامل مع أنماط من التأقلم مع القلق والتي تتسبب في تزايده كأنه كرة متدحرجة من الثلج في بعض الأحيان. إنهم يفكرون بشكل مبالغ فيه بكثير من الأشياء (التفكير في الماضي أو القلق بشأن المستقبل)، ويتجنبون كل ما يثير قلقهم ويستخدمون استراتيجيات تعويضية – مثل أن يكونوا غايةً في الكمال لتجنب الشعور بأنهم يتظاهرون بذلك في العمل – مما يقلل من قلقهم مؤقتاً ولكن يزيده على المدى البعيد. يمكن لاستراتيجيات التكيف هذه أن تتسبب بإبعاد الناس من حولك – خاصة الأشخاص الذين يحبونك.
في حين أنه من المحبط والمزعج أن ترى هؤلاء الأشخاص يعانون إلا أن هناك أشياء يمكنك القيام بها للمساعدة. بعض الاستراتيجيات التي توصي بها أليس بويز Alice Boyes والتي تستند على كتاب The Anxiety Toolkit :
1- فهم الاختلافات في كيفية ظهور القلق
بسبب التطور أردنا الاستجابة للخوف إما عن طريق القتال أو الهروب أو التسمر بالمكان؛ وبالنسبة لأشخاص مختلفين سيسود أحد هذه الردود على أفعالهم عادةً، على سبيل المثال، تميل زوجتي إلى التسمر بمكانها وسوف تدفن رأسها في الرمال بدلاً من التعامل مع الأشياء التي تجعلها تشعر بالتوتر والهلع أما أنا فأميل أكثر نحو القتال وسأصبح سريع الغضب أو شديد الكمال أو صارماً إذا شعرت بالتوتر.
عندما تفهم أن القلق مصمم لوضعنا في حالة تمتاز بالحساسية تجاه التهديد سيكون من الأسهل فهم شعور شخص ما بالخوف (أو الإجهاد) وكيف يتصرف بشكل يمتاز بسرعة الانفعال أو بشكل دفاعي وستجد نفسك متعاطفاً معه.
من خلال الانتباه إلى كيفية ظهور وتطور القلق عند الشخص الذي تهتم به ستتمكن من معرفة أنماط القلق لديه وستكون في وضع أفضل لمساعدته.
2- قم بإيصال دعمك لهم حسب تفضيلاتهم وأسلوبهم في المودة والتواصل
من الأفضل أن تسأل أي شخص عن نوع الدعم الذي يفضله بدلاً من تخمينه ومحاولة توقعه؛ ومع ذلك فإننا نعلم من خلال الأبحاث أن الأشخاص الذين لديهم أسلوب ارتباط يميل إلى التجنب (عادةً أولئك الذين واجهوا رفض تقديم الرعاية أو العلاقات في الماضي) من المحتمل أن يستجيبوا بشكل أفضل للعروض القوية للدعم العملي الملموس؛ يمكن أن يشمل ذلك مساعدة الشخص القلق في تقسيم المهام إلى خطوات يستطيع أن يتحكم فيها أو التحدث من خلال خيارات محددة حول كيفية التعامل مع حالة صعبة مثل كيفية الرد على رسالة بريد إلكتروني غاضبة مع جعله يشعر بأنه لا يزال يتمتع باستقلاله وكفاءته الذاتية أثناء القيام بذلك.
على الأغلب سوف يُفضل الأشخاص الآخرون الدعم العاطفي وخاصة أولئك الذين يحبون التواصل الآمن أو الذين لديهم أسلوب تواصل “منشغل البال” بسبب خوفهم من أن يتم التخلي عنهم أو من أن تكون عواطفهم مرهقة للآخرين؛ الأفراد الذين ذكرناهم هنا يستجيبون جيداً للعبارات التي تؤكد أنهم جزء من فريق مترابط متين – على سبيل المثال مؤيدهم يقول: “هذا صعب لكننا نحب بعضنا بعضاً وسنواجهه معاً.”
بالطبع هذه عموميات وتحتاج إلى تعديل طريقة دعمك من خلال ملاحظة ما هو مناسب حسب خصوصية الحالة، ولكن عندما تكون لديك علاقة وثيقة مع شخص ما يمكنك تقديم الدعم بناءً على الفهم الجيد لأنماط القلق لدى أحد أفراد أسرتك.
3- ابحث عن طرق للاستفادة من أي نظرة معينة لديهم حول قلقهم.
إذا كان لدى الشخص الذي تحبه رؤية أو نظرة معينة تجاه القلق الذي يعاني منه فيمكنك مساعدته على تحديد الوقت الذي تحدث فيه الأنماط التي يسببها القلق؛ أجد أنه من المفيد عندما تلاحظ شريكتي أنني أعبر عن قلقي بشأن العمل من خلال غضبي عليها أو عن كوني أشعر بالارتباك الشديد؛ لأننا نعرف أنماط بعضنا البعض بشكل جيد ولدينا علاقة ثقة يمكننا أن نشير إلى عادات بعضنا البعض، لا يعني أن هذا دائماً يجعل الشخص القلق ممتناً ولكن الرسالة ستصل في أي حال.
إذا كنت ستقوم بذلك فمن الجيد أن تحصل على إذن الشخص الذي يعاني من القلق أولاً؛ وضع في اعتبارك أن الأشخاص الذين يملكون نظرة معينة تجاه قلقهم ما زالوا في كثير من الأحيان يشعرون بأنهم مجبرون على “الاستسلام” لأفكار القلق لديهم؛ على سبيل المثال قد يعلم الشخص المصاب بالقلق أن الذهاب إلى الطبيب كل أسبوع لإجراء عدة اختبارات ليس ضرورياً من ناحية منطقية لكنه لا يستطيع مساعدة نفسه.
إذا كان الشخص المقرب منك يفتقر إلى نظرة أو رؤية تجاه القلق الذي يعاني منه أو لديه مشكلة في إدارة الإلزام فمن الأفضل أن تشجعه على رؤية طبيب نفسي سريري متخصص في علاج القلق.
لقراءة الجزء الثاني من طرق لمساعدة شخص ما في حالة قلق