أليس من الرائع أن نجتمع مع أحبائنا حول الطاولة الطعام في عيد الميلاد والاستمتاع معهم؟
تناول الطعام مع الأحباء يمد العمر لذلك لا ينبغي أن يقتصر ذلك على موسم الأعياد فقط؛ وهذا ما تؤكد عليه دراسة جديدة تشير إلى أن تناول الطعام مع الأسرة بشكل منتظم يفيد صحة الأطفال ويجعلهم أكثر سعادة.
وجد الباحثون من خلال بحثهم أن الأطفال الذين كثيراً ما يتناولون وجبات الطعام مع أسرهم في عمر 6 سنوات أو أكثر يتمتعون بمهارات اجتماعية أفضل عالية ولياقة عامة جيدة بمجرد بلوغهم سن العاشرة، مقارنة مع أولئك الذين نادراً ما يقضون أوقات تناول الطعام مع أسرهم.
أفادت مؤلفة الدراسة المشاركة ليندا Pagani التابعة لجامعة مونتريال في كندا، وزملاؤها مؤخراً عن النتائج الجديدة التي توصلوا إليها في مجلة طب الأطفال الإنمائي والسلوكي.
هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها التي تشير إلى أن تكرار الوجبات العائلية يوفر فوائد صحية. فعلى سبيل المثال، أكدت دراسة نُشرت في عام 2011، أن الأطفال الذين قاموا بتناول ثلاث وجبات أو أكثر مع أسرهم أسبوعياً كانوا أقل عرضة لزيادة الوزن من أولئك الذين كانت حصتهم أقل من ثلاث وجبات عائلية أسبوعياً.
إلا أن هذه الدراسات تحتوي على بعض أوجه القصور من وجه نظر الدكتورة Pagani التي تقول: “الباحثون السابقون كانوا غير واضحين ولم يقوموا بتحديد الحالة الصحية للعائلات التي تتناول الطعام جماعة فنحن لا نعلم ما هو وضعهم الصحي منذ البداية.”
وتضيف قائلة: “كما أن تحديد عدد المرات التي تأكل فيها العائلات معاً وكيف يكون أداء الأطفال خلال لحظات الأكل لا يعكس مدى تعقيد التجربة من حيث البيئية”.
ومع وضع هذه القيود في الاعتبار، شرعت Pagani وزملاؤها في إجراء تحليل طولي (وسيلة لتصميم البحث العلمي) لمعرفة كيف تأثر الوجبات العائلية المنتظمة على الصحة العقلية والجسدية للأطفال.
تحسين اللياقة العامة والمهارات الاجتماعية لدى الأطفال
جمع الباحثون بيانات عن 1449 طفلاً كانوا جزءاً من دراسة الطولية التي نفذت في مقاطعة كيبيك لتنمية الطفل. جميع هؤلاء الأطفال كانوا من مولودين بين عامي 1997 و1998، وتمت متابعتهم كجزء من الدراسة منذ سن 5 أشهر.
عندما بلغ الأطفال سن 6 سنوات، أبلغ والديهم عن عدد المرات التي يتناولون فيها وجبات عائلية. لاحقا قيمت اللياقة العامة والرفاه العقلي لكل طفل عند بلغوهم سن العاشرة من العمر.
وبحسب قول الكاتبة ماري خوسيه هاربيك المشاركة في هذه الدراسة والتي تعمل في جامعة مونتريال: “نتيجة امتلاكنا الكثير من المعلومات حول الأطفال قبل سن 6 سنوات -مثل مزاجهم وقدراتهم المعرفية، ودرجة التحصيل العلمي لأمهاتهم وخصائصهم النفسية، مهنة أسرهم وطبيعة عملها –تمكنا من التغلب على جميع الظروف التي قد تعيق الدراسة وتؤثر على الأطفال أو الأسر لتحول منحى النتائج إلى مسار مختلف عما نسعى لاكتشافه، وبالتالي بجمعنا المعلومات اللازمة مسبقاً تمكنا من الخروج بدراسة مثالية من جميع النواحي “.
وعند مقارنة الأطفال الذين نادراً ما كانوا يتناولون وجبات عائلية في عمر 6 سنوات، مع أولئك الذي يفعلون العكس ويحصلون على وجبات عائلية بشكل منتظم وجدنا أن الذين يتناولون الوجبات العائلية بانتظام يمتلكون لياقة عامة أفضل، ويشربون المشروبات الغازية بكميات أقل ويتمتعون بمهارات اجتماعية أفضل بمجرد بلوغهم سن العاشرة.
كما تتوقع الدكتورة Pagani أن وجود والدي الطفل إلى جانبه على مائدة العشاء يوفر له جو للتفاعل الاجتماعي ويتيح له فرصة لمناقشة القضايا الاجتماعية اليومية أو مخاوفه معهم.
وتضيف قائلة: “من المحتمل أن تساعد تجربة الطفل لجميع أشكال التواصل الاجتماعي الإيجابية في حصوله على مهارات تواصل أفضل مع أشخاص خارج الوحدة الأسرية”.
“تشير النتائج التي توصلنا إليها من منظور الصحة السكانية، إلى أن الوجبات العائلية لها تأثيرات طويلة المدى على الرفاه البيولوجي النفسي الاجتماعي للأطفال”.
ليندا باجاني
في مجتمع اليوم أصبح أغلب الناس يتناولون وجباتهم أمام التلفزيون عوضاً عن تناوله حول مائدة الطعام مع أحبائهم. لكن هذا البحث الأخير يشير إلى أن الوقت قد حان للعودة إلى وجبات الطعام العائلية التقليدية.
واستنتج مؤلفو الدراسة إلى أنه “نظراً إلى ملاحظة انخفاض تكرار الوجبات العائلية في الوقت الحالي، يمكن أن تصبح مزايا وفوائد البيئة الناتجة عن تناول الطعام مع الأحباء هدفاً لإجراء بعض التعديلات على سلوك الأفراد المنزلي كما يمكن أن يكون من المفيد عرضها في الحملات الإعلامية التي تهدف إلى تحسين نمو الطفل. “