يتم حالياً إجراء دراسات حديثة حول العلاقة بين الفيروسات التاجية ونظام القلب والأوعية الدموية وعلى الرغم من أن المعلومات حول فيروس SARS-CoV-2 على وجه التحديد مازالت قليلة، إلا أن المؤلفين يعتقدون أن دراسة الفيروسات التاجية الأخرى قد يوفر معطيات وتصورات مهمة عنه.
يوجد نوع من الفيروسات التاجية يسمى SARS-CoV-2 يسبب COVID-19 وهو مرض تنفسي حاد بسبب آثاره الخطيرة على الرئتين والمجاري الهوائية.
كما يشير مؤلفو المقالة العلمية الأخيرة والتي نشرت في مجلة JAMA Cardiology – فإن التهابات الجهاز التنفسي الحادة “من العوامل المسببة لأمراض القلب والأوعية الدموية”.
وجد العلماء أن الأنفلونزا والفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي والالتهاب الرئوي البكتيري على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية وتزيد من شدة الحالة المرضية، في الواقع يشرح الباحثون هذا الأمر بأنه “خلال معظم أوبئة الإنفلونزا يموت عدد أكبر من المرضى لأسباب قلبية وعائية أكثر من أسباب الإصابة بأنفلونزا الرئة.”
حسب اعتقاد الباحثون فإن فيروس كورونا المستجد COVID-19 لا يزال يتطور، يشير المؤلفون إلى نتائج الأبحاث السابقة التي توصلوا إليها عن تفشي الفيروسات التاجية المماثلة، بما في ذلك الأبحاث التي تدرس متلازمة الجهاز التنفسي الحادة (SARS) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS).
SARS السارس وصحة القلب والأوعية الدموية:
يعتقد العلماء أن الفيروس الذي يسبب السارس مثل SARS-CoV-2، يمكن أن ينشأ أيضاً في الخفافيش، في عام 2003 أصيب 8096 شخصاً في 29 دولة بمرض السارس، كما أوضح المؤلفون فإن تعدد الأدلة يجعل من الصعب استخلاص استنتاجات حول تأثير السارس على صحة القلب والأوعية الدموية.
شملت أكبر دراسة قام بها الباحثون 121 شخصاً فقط من المصابين بالسارس. كما توصّل مؤلفو دراسة أُجريت في عام 2006 إلى ما يلي: ” كانت مضاعفات القلب والأوعية الدموية لدى مرضى السارس شائعة، بما في ذلك انخفاض ضغط الدم وعدم انتظام دقات القلب ولكن عادة ما تكون هذه الأعراض محدودة ومع ذلك استمر تسارع دقات القلب فقط عندما تم الابتعاد عن العلاج بالكورتيكوستيرويد. ”
كما أوضح مؤلفو الدراسة الأخيرة فإن معظم الأدلة التي تشير إلى المضاعفات القلبية الوعائية المرتبطة بالسارس هي إما حديث عام أو ناتجة عن دراسات صغيرة ومحدودة.
MERS وصحة القلب والأوعية الدموية
تنتج متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)عن فيروس تاجي آخر، يعود أصله على ما يبدو إلى الخفافيش، حيث ظهر الوباء في المملكة العربية السعودية في يونيو 2012 ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية بحلول عام 2019 كان هناك ما يقارب من 2500 حالة مؤكدة وأكثر من 850 حالة وفاة في 27 دولة بسبب هذه المتلازمة.
يبدو أنه من الصعب إيجاد دليل على تحديد عوامل مؤثرة على القلب والأوعية الدموية بسبب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية أكثر مما هو عليه بالنسبة للسارس، لكن مع ذلك قدّمت دراسة واحدة أجريت على 637 شخصاً مصاباً بفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية بعض المؤشرات، حيث وجد الباحثون أن أمراض القلب كانت موجودة لدى 30٪ من الأشخاص الذين شاركوا في التجربة.
بالطبع هذا لا يعني بالضرورة أن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية تسبب مشاكل في القلب والأوعية الدموية وبدلاً من ذلك قد تدل إلى أن الأشخاص الذين يعانون من هذه الظروف الحالية كانوا أكثر عرضة للإصابة بأعراض MERS أو أقل قدرة على محاربة العدوى.
ماذا عن فيروس كورونا المسجد COVID-19؟
يبدو أن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية في كل من القلب والأوعية الدموية هم أكثر عرضة للإصابة بأعراض أسوأ من COVID-19 (كورونا)، على سبيل المثال في دراسة شملت 44672 شخصاً يعانون من COVID-19 في الصين كان 4.2 ٪ يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية ومع ذلك مثل هؤلاء الأفراد 22.7 ٪ من جميع الحالات المميتة، مما أدى إلى معدل وفيات 10.5 ٪.
في هذا السياق يصف معدل الوفيات نسبة الأشخاص المصابين بـ COVID-19 الذين ماتوا في هذه المجموعة من الأشخاص وعلى سبيل المقارنة بلغ معدل وفاة المصابين بالسكري 7.3٪ والمصابين بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة 6.3٪.
كما شملت دراسة أصغر أيضاً في الصين، أجريت على 99 شخصاً مصابين بـ COVID-19 (كورونا) وجد فيها الباحثون أن 40٪ من هؤلاء الأشخاص يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية أو أمراض الأوعية الدموية الدماغية.
أيضاً في دراسة صغيرة أخرى أجريت على 150 شخصاً مصابين بـ COVID-19، بدا أن صحة القلب والأوعية الدموية تؤثر على معدلات الوفيات وأظهرت النتائج أن كل من الـ 82 شخصاً الذين نجوا لم يعانوا من أعراض صحية بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، لكن 13 من أصل 68 من الأشخاص اللذين توفوا لم يكن لديهم أمراض القلب والأوعية الدموية.
التهاب عضلة القلب والسارس CoV-2
التهاب عضلة القلب هو التهاب يحدث في نسيج القلب ويمكن أن يسبب إيقاعاً سريعاً أو غير طبيعي لضربات للقلب، وفقاً لمؤلفي الدراسة هناك بعض الأدلة على أن SARS-CoV-2 يمكن أن يسبب التهاب عضلة القلب.
يضيف الباحثون أن تقارير تشريح الجثة تشير إلى أن الخلايا الملتهبة أحادية النواة تغزو عضلة القلب وهذا هو السمة المميزة للالتهاب.
كما توثّق دراسات حالة أخرى الى أن الأفراد الذين أصيبوا بالتهاب عضلة القلب إلى جانب مرض كورونا المستجد COVID-19 هو أمر ليس مفاجئاً تماماً، حيث أوضح مؤلفو أحد الحالات الدراسية بأنه “تم وصف عدوى الفيروس على نطاق واسع على أنها أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لالتهاب عضلة القلب.”
بشكل عام لا يزال من السابق لأوانه الحكم على تأثير فيروس كورونا المستجد COVID-19 على صحة القلب ومع ذلك توضح الدراسة بعض الأدلة القوية إلى حد ما والتي تشير إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية الموجودة، قد تزيد من فرصة الإصابة بـ COVID-19 أو خطر الوفاة أو كليهما.
- يستنتج المؤلفون:
“تشير الدروس المستفادة من الأوبئة المسببة للفيروسات التاجية والإنفلونزا السابقة إلى أن العدوى الفيروسية يمكن أن تؤدي إلى متلازمة الشريان التاجي الحادة وعدم انتظام ضربات القلب وتفاقم قصور القلب.
كما يشيرون إلى أن “فيروس كورونا المستجد COVID-19 قد يؤدي إلى ظهور أمراض القلب أو تفاقم أمراض القلب والأوعية الدموية، كما إن شدة ومدى وتأثيرات COVID-19 على المدى الطويل مقابل التأثيرات القلبية الوعائية طويلة المدى، إلى جانب تأثير علاجات محددة ليست معروفة حتى الآن وتخضع للفحص الدقيق والبحث. “