ما هي حقيقة اللقاح؟
مر تاريخ تطوير اللقاحات بمطبات كثيرة إلى أن توّج كأحد عجائب التكنولوجيا الحديثة لقدرته على إنقاذ العديد من الأرواح، لكنه سرعان ما أصبح اليوم محط جدل يثير ريبة وغضب الكثيرين.
هل سنصل يوماً ما لاتفاق حول منافع وخطورة اللقاحات؟ على الأغلب لا، لكن لكي نميز الشائعات الملفقة حول اللقاح من الحقائق المثبتة قام موقع الصحة “Health” بالاطلاع على أحدث الأبحاث التي أجريت حول اللقاحات حتى يومنا هذا.
بعض أنواع اللقاح تحتوي على الزئبق
حقيقة
الثيمروسال “Thimerosal “هي مادة حافظة تحتوي على حوالي 50٪ من الزئبق، وهي مانعة للتلوث البكتيري ويمكن أن تتواجد في معظم حقن الزكام وذلك استناداً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention (CDC).
على أية حال فقد استبعدت مادة الثيمروسال منذ عام 2001 من اللقاحات التي تعطى بشكل دوري للأطفال تحت سن الست سنوات، وكما يتوافر اليوم أنواع لحقن الزكام واللقاحات الخاصة بالبالغين والأطفال الأكبر سناً خالية من الثيمروسال أو تحتوي فقط على أثر ضئيل منه.
اللقاح مسبب للتوحد
خرافة
في دراسة صغيرة أجريت عام 1998 من قبل أندرو ويكفيلد، ادعت أنها وجدت رابطاً ما بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (أو يدعى بلُقاح MMR) وبين التوحد، مما أثار الرعب الذي سبب في خفض معدلات التطعيم وما نتج عن ذلك لاحقاً من انتشار الأوبئة، ومنذ ذلك الحين عُدت الدراسة بأنها خاطئة وسحبت من قبل المجلة التي نشرتها في عام 2004 ثم أصدر معهد الطب تقريرا ينص على عدم وجود أي دليل علمي يثبت الصلة بين لُقاح MMR وبين التوحد، وفي أيلول عام 2010، نشر أيضاً مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها نتائج مماثلة.
تقول كاري نيلسون Carrie Nelson وهي أستاذة في الطب ورئيسة لجنة الصحة العامة والعلوم لدى الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة: “إن طفلك معرض لخطر أكبر عندما لا يحصل على اللقاح”.
يمكن أن يسبب اللقاح بعض الأعراض الجانبية
حقيقة
اللقاح ليس خالياً من الخطورة، وأكثر الأعراض الجانبية الخطيرة والشائعة له هي ألم في موضع الحقنة والتعرض للحمّة، وأفضل طريقة لعلاجهما هي بتناول أدوية الاسيتامينوفين أو الإيبوبروفين. أما بالنسبة للأعراض الأقل حدوثاً فهي النوبات (وتوصف بالتحديق أو الارتجاج) وتتنوع المخاطر تبعاً لنوع اللقاح. على سبيل المثال يوجد طفل من كل 1400 طفل يصاب بالنوبة عند أخذ اللقاح الثلاثي، ونسبة حدوث النوبة عند أخذ لُقاح MMR هي بمعدل طفل من كل 3000 طفل.
إن بعض الأطفال عرضى أكثر من غيرهم للإصابة بأعراض اللقاح الجانبية وفي هذه الحالة من الأفضل التعامل معه بحذر أو تجنبه وذلك وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
أنت آمن في حال حصول الجميع على اللقاح
خرافة
لسوء الحظ فإننا لا نستطيع تعليق آمال كبيرة على ذلك، فتقول آري براون Ari Brown وهي أستاذة في الطب وطبيبة أطفال والمتحدثة باسم الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال: “غالباً ما تشاركك العائلات التي تتفق بالعقلية الرافضة للتلقيح في الصرح التربوية لمرحلة ما قبل التعليم المدرسي وفي الملاعب والمدارس مما يسهل انتشار الأمراض التي يمنع ظهورها اللقاح” وتضيف الدكتورة براون:” حصل ذلك عندما انتشرت الأمراض في سان دييغو وبولدر وكولو، وإن بعض الناس لا يمكنهم أن يحصلوا على اللقاح لأسباب صحية أو بسبب تجاوزهم للسن الذي يسمح لهم بذلك، بالإضافة لإمكانية التقاطك لبعض الجراثيم مثل الكزاز والتهاب الكبد الوبائي-أ عن طريق التربة الملوثة أو الطعام وليس عن طريق العدوى من شخص لآخر.
يضمن اللقاح الحماية التامة من الأمراض
خرافة
إن اللقاح لا يضمن عدم تعرضك للمرض بنسبة 100% لكنه يساهم في ذلك بنسبة كبيرة، فمثلاً حتى لو لقحت ضد الزكام فلا زلت معرضاً للإصابة به ولكن على الغالب أن يكون المرض أقل حدة، وكمثال آخر يعد لقاح جدري الماء أنه فعال بنسبة 80% في منع العدوى وفعال بنسبة 100% في الحماية ضد أمراض خطيرة.
ولأفضل حماية يعتمد الخبراء على مبدأ “مناعة الجماعة” فازدياد عدد الناس الملقحين في المجتمع يزيد فرص حماية الجميع بما فيهم الناس الذين لا يستطيعون الحصول على اللقاح بسبب العمر أو الصحة أو لأسباب دينية.
الإكثار من حقن اللقاح يضعف المناعة
خرافة
تقول الدكتورة براون: “على العكس فالحقيقة أن كل جرعة تحفز الجسم ليزيد من ردة فعله المناعية ويبني دفاعه من (الأجسام المضادّة) وكنتيجة لذلك سيقدر الجسم على محاربة العدوى الحقيقية في حال ظهورها”.
يعطى الأطفال لقاحات عدة في وقت واحد لتأمين أكبر حماية ممكنة في أبكر وقت ممكن، فكل من اللجنة الاستشارية المعنية بممارسات التحصين والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ينصحان بإعطاء اللقاحات للأطفال بالتزامن عندما يلزم الأمر.
اللقاح يعطى للأطفال فقط
خرافة
هناك أنواع مختلفة من اللقاحات يمكن أن تحافظ على صحة كل من المراهقين والبالغين الكبار بالسن وأكثرها شهرة هي حقنة الزكام التي تعطى سنوياً، وطلاب الجامعة يجب أن يلقحوا ضد التهاب السحايا قبل سكنهم في السكن الجامعي، والمتقدمين بالسن يمكن أن يستفيدوا أيضاً من لقاح الالتهاب الرئوي.
يحتاج البالغين للمدعمات ضد الكزاز والسعال الديكي، وأما الأطفال فليسوا منيعين ضد السعال الديكي حتى يبلغوا عمر 4 سنوات، وتقول الدكتورة نيلسون: ” إن الأطفال الأصغر منهم بالسن أكثر عرضى لخطر الإصابة بالسعال الديكي فيمكن أن ينتقل لهم من البالغين ذوي المناعة الضعيفة”.
لقاح فيروس الورم الحليمي البشري HPV يعطى للفتيات فقط
خرافة
هنالك نوعين من لقاح فيروس الورم الحليمي البشري هما السيرفاريكس Cervarix الذي يعطى للنساء والفتيات بعمر 10 إلى 25 سنة، والجارداسيل Gardasil الذي يعطى للإناث بعمر 9 إلى 26 سنة، ولكن يمكن أن يعطى الجارداسيل أيضاً للأولاد والرجال بعمر 9 إلى 26 سنة وذلك وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
تنصح الدكتورة نيلسون بإعطاء لقاح فيروس الورم الحليمي البشري للمرضى وتقول: ” لكن نسب إعطائه متوسطة (50/50) ومع ذلك فحتماً تحصل عليه الفتيات بنسبة أعلى من الصبيان”، ووفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها فإن حوالي 5000 حالة من الحلأ التناسلي تحدث كل سنة في الولايات المتحدة الأميركية.
يمنع إعطاء اللقاح للنساء الحوامل
خرافة
إن هذا ليس صحيحاً مئة بالمئة فوفقاً للأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة: النساء الحوامل يجب ألا يلقحن ضد جدري الماء أو بلُقاح MMR ، ولكن اللقاح المعطل للزكام آمن وحتى أنه ينصح به للحوامل, فتقول الدكتورة براون: خلال الحمل يضعف الجهاز المناعي للحامل مما يجعلها أكثر عرضى للعدوى، ولكن معظمهن لا يحصلن على حقنة الزكام ويشير مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن حوالي 11% فقط من النساء الحوامل يلقحن به، وتوضح الدكتورة براون أن الحقنة تثير دفاع الأجسام المضادة لدى الحامل مما يحمي جنينها خلال الست أشهر الأولى من حياته.
المناعة الطبيعية أفضل من مناعة اللقاح
حقيقة
تشير الدكتورة نيلسون إلى أن العدوى قادرة على إثارة مناعة تدوم مدى الحياة أكثر من اللقاح (وتستثني الزكام لأنه يغير من سلالاته كل سنة) لكن عليك أن تفكر مرتين قبل أخذ صغيرك إلى حفلة مليئة بالناس المصابين بجدري الماء.
المشكلة في المناعة الطبيعية هي في احتمال حدوث مضاعفات، فجدري الماء يمكن أن يؤدي إلى التهاب الدماغ والالتهاب الرئوي وإذا حك الأطفال جلدهم كثيراً فيمكن أن يؤدي إلى عدوى الجلد كالإصابة بالمكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين MRSA، ويمكن أن تؤدي عدوى شلل الأطفال إلى شلل دائم وإلى النكاف والصمم والإصابة بالمستدمية النزلية نوع ب (Hib) وإلى تلف في الدماغ.
تقول الدكتورة نيلسون : “هذا ما يعرض الناس أنفسهم له إن أجلوا اللقاح”.
وجود اللقاح لا يعود ضرورياً بعد استئصال المرض
خرافة
إن المرض المعدي الوحيد الذي أمكن استئصاله في العالم هو الجدري وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فيوجد حتى اليوم انتشار لأوبئة كالحصبة والنكاف والسعال الديكي.
يمكن أن يحميك اللقاح إن كنت محاطاً بالناس غير الملحقين إما في الولايات المتحدة أو بأي مكان آخر فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية يوجد أقل من 95% من الناس في أجزاء كثيرة من أوروبا الغربية يعطون اللقاح، وهي الأماكن التي ظهرت فيها حالات الحصبة بنسبة 82% في عام 2009.
اللقاح مصدر لجني الأموال بالنسبة للأطباء
خرافة
ليست اللقاحات بالمصدر المدر للمال بالنسبة للأطباء، تقول الدكتورة نيلسون: “فهي على العكس يمكن أن تسبب بخسارة للأموال أكثر من أي شيء آخر” وتضيف: “لأنها متطلبة بكثافة لليد العاملة، فيحصل بعض الأطباء على حوافز مالية من صندوق العلاج الطبي HMOs، ولكن المكافآت مخصصة لدعم التنفيذ العالي الجودة للعمل ولمساعدة الأطباء على إجازة اليد العاملة التي يديرونها”.
تحتل اللقاحات نسبة 15% من إجمالي الإيرادات الصيدلانية وفقاً لموقع VaccineEthics.org وهو موقع إلكتروني مدار من قبل مركز بن لأخلاقيات علم الأحياء Penn Center for Bioethics” ” تقول الدكتورة نيلسون: “تعرضنا لمشاكل تختص بنقص في إمدادات اللقاح لأن القليل فقط من الشركات الدوائية تنتج اللقاحات” (فمنذ 3 عقود مضت كان يوجد أكثر من 30 شركة لإنتاج اللقاح أما الآن فيوجد حوالي خمس شركات فقط وتمثل 80% من السوق).