أظهرت دراسة حديثة أن الحدَّ من السلوكيات الإدمانية يمكن تحقيقه بمجرد أخذ استراحة.
حوالي 3 بالمئة من الناس يقضون الكثير من وقتهم في لعب ألعاب الانترنت، الأمر الذي يعرقل جوانب أخرى من حياتهم بشكلٍ ملحوظ، وذلك وفق البحوث الرَّاهنة. هذه النتائج وغيرها، أدَّت إلى إدراج اضطراب ألعاب الانترنت كاضطرابٍ نفسيٍّ جديد ضمن النسخة الحالية من الكتيب التحليلي والإحصائي للأمراض العقلية.
يحتاج الكثير من الأفراد إلى علاجٍ لتقليل الوقت الذي يقضونه في لعب ألعاب الانترنت. هذا وقد وجد تحليل شمولي حديث أنَّ العلاج المعرفي السلوكي يميل لتحقيق أفضل النتائج، مقارنة بغيره من العلاجات.
ولكن، مازالت هنالك أسئلة هامة عن ماهية الأجزاء التي تجعل العلاج المعرفي السلوكي فعالاً، فالعلاج المعرفي السلوكي له العديد من المكونات ( كتحديد الأهداف، ومعالجة الأفكار الإشكالية، وتعلُّم طرق أفضل لحل المشاكل )، ومن دون تجربة كل مكون على حدى، يستحيل معرفة المكون الأكثر فعالية في العلاج.
تطرقت دراسة جديدة أجراها مجموعة من الباحثين في أستراليا إلى سؤالٍ بسيط: هل يمكن للامتناع عن اللعب لمدة وجيزة أن يؤدي إلى انخفاضٍ دائمٍ في مستويات اللعب على الانترنت؟
ضمَّت الدراسة مشاركين من “مواقع ألعاب الانترنت الكثيفة اللاعبين “، من أجل إيجاد الأفراد الذين يُرجَّح أن يكونوا مصابين باضطراب ألعاب الانترنت، ووفقاً للمعلومات التي أبلغ المشاركون عنها ذاتياً، تم فرزهم إلى مجموعتين، بحيث ضمَّت المجموعة الأولى الأفراد الذين يُرجَّح أن يكونوا مصابين باضطراب ألعاب الانترنت، وضمَّت الثانية الأفراد الذين لا يُرجَّح أن يكونوا مصابين بالاضطراب.
في البداية، لعبت مجموعة اضطراب ألعاب الانترنت بمعدل 38 ساعة في الأسبوع، أو ما يزيد عن 5 ساعات في اليوم، ( أما المجموعة الثانية فكان معدلهم حوالي 15 ساعة في الأسبوع ).
ثمَّ طلب فريق الدراسة من المشاركين أن يمتنعوا عن لعب ألعاب الكمبيوتر لمدة 84 ساعة ( 3.5 أيام، من منتصف ليل الجمعة، وحتى عصر يوم الاثنين ). وبعد التوقف عن اللعب لمدة 48 ساعة، قام الباحثون بتقييم عدد الساعات المقضية على اللعب لمدة أسبوع ومن ثمَّ 4 أسابيع لاحقة.
عند انقضاء الأسبوع الأول، كان متوسط وقت اللعب 27 ساعة في الأسبوع، وعند انقضاء الأسابيع الأربعة التالية كان أقل من 25 ساعة في الأسبوع. بالرغم من أنَّ ساعات اللعب مازالت طويلة جداً، إلا أنَّ هذه الأرقام تمثل انخفاضاً بما يقارب 1.5 ساعة في اليوم، ويمكن لهذا الوقت أن يُخصَّص لنشاطات أخرى.
والأمر المُلفت هو أنَّ هذه الفترة القصيرة من الامتناع عن اللعب، أدَّت أيضاً إلى تغيُّرات ملحوظة في الأفكار المتعلقة باللعب والتي كان يؤمن بها الأفراد المنتمين لمجموعة اضطراب ألعاب الانترنت، فعلى سبيل المثال أصبحوا أقل تمسكاً ببعض القواعد الصارمة، مثل وجوب إنهاء كامل اللعبة بمجرد البدء بها، ولعلَّ هذا التغيُّر في المعتقدات أدى إلى تقليل الوقت المقضي على الألعاب في الفترة اللاحقة للامتناع عن اللعب.
والأمر الهام هو أنَّ المشاركين كانوا قد زودوا الباحثين بمعلومات حساباتهم على الموقع، ليتحقق فريق الدراسة من مقدار الوقت الذي قضاه المشاركون في اللعب منذ بداية الدراسة، وليتمكنوا من الاطلاع على مقدار استخدامهم للموقع. أشار كاتبوا الدراسة إلى أنَّ حجم العينة كان صغيراً نسبياً ( فقط 9 أشخاص في مجموعة المصابين باضطراب ألعاب الانترنت )، لذا من الصعب معرفة كيف يمكن لنتائج الدراسة أن تُعمَّم على عيناتٍ أكبر، أو على أفرادٍ ليس لديهم الاستعداد الكافي للامتناع عن اللعب لمدة 3.5 أيام.
إِن لم تكن مهتماً بألعاب الانترنت، ولكن سبق أن واجهت صعوبة في السيطرة على سلوكيات أخرى، فمن الممكن ألا تفاجئك هذه النتائج، فالكثير من السلوكيات التي نرغب في كبحها قد تكون ذاتية الاستدامة، مثل سلوك الرغبة بتناول المزيد من الحلوى بمجرد تناول القطعة الأولى. إذا تعمَّمت نتائج الدراسة على أنواع أخرى من السلوكيات، فمن الممكن أن تبرز أهمية الحاجة لإيجاد طرق لكسر سلسلة السلوك غير التكيفي.