سيساعدك فهم هذه المفاهيم الثلاثة – التذكير، والروتين، والمكافأة – على إنشاء عاداتٍ صحيّة
نمتلك جميعاً عاداتٍ سيئة نرغب بتغييرها، ولكن بدلاً من أن نصرف جهدنا ووقتنا في تسجيل المراتِ التي نخفق فيها في التخليّ عن هذه العادات؛ علينا بالاستفادة من الأساسيات التي تتشكل وفقها العادات لصالحنا.
تتبع العادات، السيئة منها والجيدة، نمطاً تقليدياً ثلاثيّ الخطوات. ولنصف ذلك سنستعين بهذه الكلمات الثلاث: التذكير، والروتين، والمكافأة.
بفهمك للحلقة المغلقة التي تتبعها العادة السيئة، تستطيع أن تحدد المحرّض الرئيسي للروتين؛ لتبدأ بتحديد ما يجب تغييره حقاً لحل المشكلة. بهذه الطريقة ستقدر على بناءٍ نمطٍ لعاداتٍ جديدة وأكثر صحةً.
إن تغيير العادات لتحسين الذات هو مفتاح مهم لحيويتك وصحتك الجيدة في كل الأعمار، وذلك وفقاً لـ Margaret Moore، مساعدة مدير معهد التأهيل التابع لهارفارد في مستشفى McLean. “استجماع الدوافع للوصول إلى أهدافٍ طويلة الأمد يزداد صعوبةً عندما يتجاوز العائلة والمسار المهنيّ إلى بناء مراحل الحياة.” تقول Moore: “من المريح والطبيعي للرجال أن يشعروا بأنهم يرغبون بالاسترخاء والاستغناء قليلاً عن ضوابط رقابة الذات للعادات الصحية، كالتمارين المنتظمة والحمية الصحية. ولكن أن تحظى بشعورٍ حسنٍ ومفعمٍ بالطاقة يعني أن تستثمر وقتاً من كلّ يومٍ في تحسين ذاتك. ويبدأ ذلك بتخليك عن العادات غير الصحية واتباعك لأخرى أكثر صحيةً”
الدافع والثقة
إن عدم بناء أساس جيد هو أحد أكثر الأسباب شيوعاً خلف عجز الناس عن تحقيق تغيير مستمر. تقول Moore: “عليك أن تتأكد أن تغيير العادة مهم لك وأنك تمتلك الثقة الكافية لتحقيقه،” ورغم أن هذا يبدو سهلاً للوهلة الأولى، إلا أن معظم الناس يأخذون على عاتقهم تغييرات هامة لأشخاصٍ آخرين وليس لهم، أو يشعرون في أعماقهم بأن هذه المهمة مخيفة لهم للغاية. “قبل أن تستطيع التركيز على عادة سيئة لتغييرها، عليك أن تقيس كلّا من دوافعك تجاه ذلك، وثقتك بقدراتك.”
ولكن، كيف تعلم أنك جاهزٌ لتغيير عادة سيئة؟ عليك باستخدام مخطط “الجاهزية للتغير”، وعليه قيّم دافعك على سلمٍ من 1 حتى 10. ثم قم بالتقييم نفسه حول ثقتك بذاتك (أي ثقتك بقدرتك على إحداث هذا التغيير). أنت بحاجةٍ لما لا يقلّ عن 6 نقاط لكل من المقياسين. “وهذا هو الأساس الضروري الذي يجب عليك النجاح بتحقيقه”.
إذا لم تسجل نقاطً أعلى من 6، فكر بتغيير عادة أخرى – عادةٍ تشعر بأنك شغوفٌ لتغييرها – أو قم بتخفيف مقدار التغيير الذي ترغب بتحقيقه لتزيد من ثقتك بنفسك. مثلاً، إذا نقصتك الثقة للإقلاع عن التدخين، ابدأ بتقليل التدخين إلى 5 سجائر يومياً. “حالما اكتسبت ثقة إضافية بنفسك لتغيير أخف على عاداتك، بإمكانك العودة لتحقيق تغيير أكبر!” تقول Moore.
العناصر الثلاثة للعادات
حالما استطعت اختيار العادة الّتي ترغب بتغييرها، واختبرت جاهزيتك لذلك، حدد المفاهيم الثلاث الهامة:
- التذكير: ويقصد به العامل المحرّض لبدء السلوك الاعتيادي.
- الروتين: والمقصود طبعاً السلوك أو النشاط المعتاد الذي تقوم به.
- المكافأة: وهي الفائدة التي تجنيها من سلوكك للعادة.
كلّ عنصرٍ من هذه العناصر الثلاثة مرتبط بغيره من العناصر في حلقة مغلقة تكرر ذاتها. وإليك كيف تعمل هذه الحلقة: فلنقل أنك اعتدت على تناول الطعام غير الصحي كلما شاهدت التلفاز مساءً.
تكون الحلقة على هذا النحو: يبدأ برنامجك المفضل الساعة الثامنة مساءً على التلفاز (تذكير)، تذهب إلى المطبخ لتأتي بوجباتٍ خفيفة غير صحيّة (روتين)، ثم تتناول هذه الوجبات أثناء مشاهدتك للبرنامج (مكافأة).
عندما تتحقق المكافأة – وهي في هذه الحالة متعة تناول الطعام غير الصحي – ستتولد لديك رغبة بإعادة السلوك في المرات القادمة التي تتعرض فيها للمنبه، حيث ستبدأ الحلقة من جديد.
تحقق من المذكّر والروتين
لتتخلص من عادة سيئة، سيكون الحل ببساطة أن تتوقف، مثلاً، عن تناول الطعام غير الصحيّ. ولكن بالطبع، الأمر ليس بتلك السهولة، لأن المشكلة الحقيقية هي العادة وليس الطعام نفسه.
عليك إذاً باستيعاب العامل المذكّر والروتين. ولذلك فإن أولى خطوات الحل هي تسليط الضوء على ما يتضمنه المنبه الحالي والسلوك الذي يتلوه. في هذا المثال، وفي الساعة الثامنة مساءً، تزور مطبخك للحصول على وجباتٍ خفيفة ولكن غير صحية، ثم تجلس لترتاح على الأريكة.
الآن اسأل نفسك! ما الذي يدفعك حقاً للذهاب إلى المطبخ؟ اكتب لائحة كلماتٍ وعباراتٍ تصف مشاعرك قبل أن تشرع بالسلوك المعتاد. الجوع؟ الملل؟ الرغبة بالاستمتاع بتناول الطعام أثناء مشاهدة التلفاز؟
اعثر على محرّضات السلوك.
أثبتت الأبحاث أن منبهات العادات تنقسم عادةً إلى 5 فئات: المكان، والوقت، والحالة العاطفية، ووجود أشخاص آخرين، وحدثٌ ما سابقٌ تماما للسلوك. في السيناريو السابق، قد تبدو مجموعة العوامل المحرضة كالتالي:
- المكان: غرفة المعيشة
- التوقيت: الثامنة مساءً
- الحالة العاطفية: الملل
- وجود أشخاص آخرين: لا يوجد
- الحدث السابق تماما للسلوك: البرنامج المفضل يُبث الآن.
اكتب ملاحظاتٍ عن حالاتك الخاصة مستخدماً هذا التصنيف لثلاثة أو خمسة أيام، إذ قد تتغير بعض الحالات (كالمزاج أو التوقيت). وبعد ذلك، راجع المعلومات التي سجلتها لتعثر على الأنماط.
مثلاً، قد تتناول الوجبات الخفيفة فقط عندما تكون وحيداً، أو عندما تشاهد التلفاز في وقتٍ متأخرٍ من الليل، أو عندما تكون في مزاجٍ معين. أو أنّك تسلك هذا السلوك فقط عندما تشاهد نمطاً معيناً من البرامج، كالكوميديا أو الدراما. هل تميل لتفضيل أنواعٍ معينة من الطعام، كالكعك المحلّى مثلاً؟ تقول Moore: “هذه هي المفاتيح التي تساعدك على العثور على ما يجب تغييره كي تنتقل إلى عادةٍ جديدة.”
أطلق العنان لدوافعك نحو التغيير.
اكتب لائحة من الأنماط المختلفة للمكافآت التي تستمتع بها. تقول Moore: “لا يكمن الهدف حول عقابك لنفسك لأنك تبحث عن المتعة، بل في اختيار المتعِ التي تجعلك تشعر شعوراً حسناً بينما أنت تستثمر في عادة جديدة أكثر صحية.” وهذه قد تتضمن الخروج لمسيرٍ قصير، أو التأمل، أو الاتصال بصديق، أو تناول الوجبات الخفيفة المفيدة للدماغ كالفاكهة الكاملة، أو اللبن قليل الدسم، أو كأس من الشاي الدافئ.
صمم خطة
حالما اختبرت سلوكك، وعرفت العامل المحرض المطلق له، والمكافأة التي تنالها بعده، تستطيع أن تحدد العوامل التي ستساعدك للانتقال إلى كسر الحلقة المغلقة للسلوك والتخلص من العادة السيئة.
مثلاً، بدلاً من مشاهدة التلفاز في نفس الوقت كل ليلة، استغل هذا الفراغ في وقتك لعادات أخرى تعود عليك بفوائد أخرى، كالتمارين الرياضية، أو القراءة، أو المشاركة في هواية ما.
فإذا لاحظت أن تناول الأطعمة يحدث حصراً عند مشاهدة التلفاز في وقتٍ متأخر من الليل، احرص على أن تشاهد التلفاز في وقتٍ أبكر اليوم التالي. وإذا انتبهت أن الطعام الخفيف ليس ما تريده حقاً، بل ما تريده هو القيام بفعل التناول، حضّر وجبات خفيفة أكثر صحية لتشبع هذه الرغبة.
قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، وقد تضطر لتجربة مكافآتٍ عديدة ومنبهات مختلفة حتى تعثر على الخيارات الصحيحة، ولكن قريباً ستتمكن من تجاوز العادة السيئة إلى أخرى أفضل منها.
تقول Moore: “حالما عرفت كيف تختار العادة التي ترغب بتغييرها، واستطعت كسر الحلقة المغلقة لتلك العادة، ستمتلك القدرة على إحداثِ تغييرٍ مستمرٍ في حياتك.”