درجة أمان الميلاتونين

يصرح عدد من الباحثين الآخرين بأنهم قلقون بشأن درجة أمان الميلاتونين.

نشر باحثون من أستراليا في عام 2015 دراسة توضح علاقة استخدام الميلاتونين في القوارض بالتغيرات التي تحدث عندما تصل إلى مرحلة البلوغ؛ حيث يوضح التقرير إلى أنه في أوائل تسعينيات القرن الماضي بدأ العلماء بدراسة تأثير الجرعات العالية من الميلاتونين كأحد وسائل تحديد النسل عند البشر بسبب كيفية تأثيرها على الجهاز التناسلي.

حيث حذّر الدكتور ديفيد كيناواي David Kennaway، وهو رئيس مختبر علم الوظائف اليوميّة في معهد أبحاث روبنسون في جامعة أديليد قائلاً: “نظراً إلى أن الميلاتونين يوفر تحسناً صغيراً في توقيت النوم، ونتيجة ما نعرفه عن كيفية عمله في الجسم، لا يستحق الميلاتونين أن يجعلنا نخاطر بصحة وسلامة الأطفال والمراهقين

ولاحظ الدكتور كاناباري أن النتائج ظهرت لدى الحيوانات، ولم تُبين نتائج أي بحث وجود آثار مشابهة على الأطفال. إذ يوجد القليل فقط من الأبحاث بشأن سلامة استعمال الميلاتونين لدى الأطفال الصغار. لذلك إذا كان المرضى عند الطبيب يتناولون الهرمون كل ليلة ولمدة طويلة، فإنه يتابعهم عن قرب ليتأكد من عدم حدوث أية تغيرات هرمونية غير عادية.

وينصح الدكتور كاناباري أيضاً بعدم إعطاء الميلاتونين – أو أي دواء آخر من أجل النوم- لطفل دون الثانية من العمر. ويشجع الآباء ممن يعانون من الأرق الروتيني عند وقت النوم على اتباع وسائل أخرى- مثل تعتيم الأضواء ليلاً، وحظر استعمال الإلكترونيات قبل ساعة من وقت النوم، وإعادة ضبط روتين وقت النوم – قبل بلوغ مرحلة استخدام الميلاتونين.

ويقول أيضاً: “يجب على كل عائلة أن تجعل من النوم أولوية وليس مجرد محاولة علاجية للتخلص من المشكلة.”

 لا يحدث الميلاتونين نفس التأثير

بشكل عام يعد استخدام الميلاتونين على المدى القصير آمناً عند البالغين؛ ولاحظ الدكتور بريوس بأن تناول كمية كبيرة منه يمكن أن تؤدي إلى أحلام سيئة وترنح في اليوم التالي. كما يقول كاناباري: “يمكن أن يقلل الميلاتونين من فعالية بعض الأدوية، ويشمل ذلك أدوية ارتفاع ضغط الدم، ومن المحتمل أنه يؤثر أيضاً على حبوب منع الحمل. وتشير بعض الأبحاث إلى إمكانية تأثيره على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوبات وجعلهم أكثر عرضة للإصابة بها، لذلك يجب عليهم دائماً استشارة الطبيب قبل تجربتها.”

نظراً لعدم خضوع المكملات الغذائية إلى لوائح ناظمة مثل الأدوية التي يتم وصفها، لذلك من الممكن أن تختلف جودتها بشكل كبير من زجاجة إلى أخرى. وبينت دراسة حديثة بأن 71% من مكملات الميلاتونين التي تم فحصها والتحقق منها لا تحتوي بالضبط على ما هو مكتوب على الملصق: وتحتوي بعض المكملات على أكثر من أربعة أضعاف كمية الميلاتونين المذكورة، وتبين أن 26% منها كانت تحتوي على السيروتونين وهو ناقل عصبي قوي؛ ويقول الدكتور كاناباري: “عندما يتعلق الأمر بجودة المنتج، فهو يشبه إلى حدٍ ما الفوضى التي يتميز بها الغرب.”

ويقول الدكتور كاناباري: “يحتاج الأشخاص المختلفون إلى جرعات مختلفة، ويشير إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون استعمال المزيد أفضل.” ويقترح أن يبدأ الناس بجرعة منخفضة ثم زيادتها بشكل تدريجي في حال الضرورة. ومن جهة ثانية، يقول كاناباري: “لقد كان لدي مرضى يتناولون جرعة مرتفعة وخفضتها، وبعدها أصبح أداءهم أفضل.”

ولاحظ كاناباري أنه بخلاف حبوب النوم، من الصعب تناول جرعة زائدة من الميلاتونين؛ كما أن تناول الكثير من الميلاتونين يمكن أن يسبب الشعور بالغثيان. أفادت الجمعية الأمريكية لمراكز مراقبة السموم أن الاتصالات بشأن الميلاتونين ارتفعت بشكل سريع بمقدار 114% بين عامي 2012 و 2015 2016، مع نسبة 79% من أصل 24000 اتصال في عام 2016 كانت تتعلق بالأطفال. وغالباً ما يستدعي الآباء أخصائيي مركز السيطرة على السموم بعد أن يتناول أطفالهم الهرمون عن طريق الخطأ أو في حالة تناولهم كمية كبيرة منه؛ ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بالغثيان، والإسهال، والصداع، وتقلبات الحالة النفسية، والنعاس الدائم خلال النهار التالي والتبول في الفراش.

لا بدّ من التواصل مع مركز مكافحة السموم

يجب التواصل مع المركز الصحي المختص بمكافحة السموم في منطقتك؛ إذ أن الاستخدام المتزايد، أو سوء الاستخدام، يمكن أن يظهر بطرق أخرى. وارتفعت المكالمات إلى مراكز مكافحة السموم المتعلقة باستعمال الميلاتونين بشكل كبير؛ حيث بلغت الزيادة نسبة 86% في المكالمات المتعلقة بحالات الأطفال الذين تعرضوا لتناول الميلاتونين من عام 2014 إلى عام 2018، وفقاً للجمعية الأمريكية لمراكز مكافحة السموم. منذ شهر يناير/ كانون الثاني، كان هناك ما يقارب 30000 مكالمة هاتفية متعلقة بتناول الميلاتونين – وكانت 24000 مكالمة من بينها عن حالات لأطفال في سن 12 عاماً أو أقل.

يقول الدكتور كريغ كاناباري Craig Canapari، مدير مركز نوم الأطفال في كلية الطب بجامعة ييل: “يعتقد الناس أن الميلاتونين فيتامين، ولكنه في الواقع هرمون؛ وسط الهوس “بالعلاجات الطبيعية” يتم تجاهل هذا الأمر.”

في الواقع، يستطيع الميلاتونين إصلاح الخلل في جدول النوم – إذا تم أخذه في الوقت المناسب وبالجرعة المناسبة- الذي يتم يحدث نتيجة الرحلات الجوية الطويلة، أو عطلة نهاية أسبوع طويلة مليئة بالليالي المتأخرة، أو بعض الاضطرابات الإيقاعية اليومية؛ ويمكن أن يكون له تأثير منوم خفيف بالنسبة لبعض الناس.

ولكن يوجد حدود لاستخدام الميلاتونين كعلاج لحالات الأرق العامة. وعندما يتعلق الأمر باستخدامه لدى الأطفال تزداد المخاوف كثيراً. وتبين أن استخدام مكملات الميلاتونين آمن على المدى القصير؛ أما بالنسبة للاستخدام على المدى الطويل لا يعرف الكثير عن درجة الأمان.

يقول الدكتور مايكل بروس  Michael Breusالطبيب النفسي الإكلينيكي والمتخصص في اضطرابات النوم: “يتناول الكثير من الناس الميلاتونين مباشرةً قبل الذهاب إلى الفراش كما لو كانت حبة منوم؛ إنها ليست بهذه البساطة.”

تم اكتشاف الميلاتونين عام 1958باعتباره هرمون يصنعه الجسم ويساعد في تنظيم إيقاع الجسم اليومي، أو ساعة الجسم الطبيعية، وسيعطي نتيجة جيدة لدى البعض، ولكن ليس للجميع. ويعتبر الضوء العامل الأساسي الذي يتحكم فيه: إذ تبدأ مستويات الميلاتونين بالارتفاع مع تلاشي ضوء النهار، قبل موعد النوم بحوالي 1-3 ساعات، مما يؤدي إلى الشعور بالنعاس. عندما يصل الضوء للعين في الصباح، فإنه يرسل إشارة إلى الدماغ ليتوقف إنتاج الميلاتونين، ويصبح الجسم في حالة تيقظ وانتباه.

يعتبر الميلاتونين منظماً للنوم وليس بادئاً للنوم.

يقول الدكتور مايكل بروس، الحاصل على الدكتوراه، والمتخصص في اضطرابات النوم: “يُعد الميلاتونين منظماً للنوم، وليس بادئاً للنوم”؛ وهو مؤلف كتاب “The Power of When.”

منذ الثمانينيات من القرن الماضي، قام صانعو المكملات الغذائية بالإعلان عن الميلاتونين المصنع في المختبرات باعتباره مساعداً واعداً في النوم. ولكن بينت الدراسات أن تأثيراته على حالة الأرق العرضي كانت خفيفة في أحسن الأحوال لدى عامة الناس.

ووجدت دراسة مرجعية تم خلالها استخلاص النتائج من 15 دراسة شملت 284 شخصاً يتمتعون بصحة جيدة أن أولئك الذين تناولوا الميلاتونين قبل النوم ناموا أسرع 3.9 دقائق في المتوسط ​​وناموا 13 دقيقة أكثر. وفي دراسة أخرى، من بين 19 دراسة شملت 1700 شخصاً، تبين أن مستخدمي الميلاتونين ينامون أسرع بـ 7 دقائق في المتوسط ​​وينامون 8 دقائق أطول.

تقول الطبيبة كاثي غولدشتاين Cathy Goldstein، الحاصلة على الدكتوراه في الطب، والأستاذة المساعدة في طب الأعصاب في عيادة طب النوم بجامعة ميشيغان: “عندما يقوم الجسم بتصنع الميلاتونين بشكل طبيعي خلال الليل، فإن تناول القليل منه يكاد لا يُذكر، لا يؤثر ذلك بشكل كبير.”

أفاد الطبيب ألفريد ليوي Alfred Lewy، الأستاذ المتقاعد في جامعة أوريغون للصحة والعلوم ورائد في أبحاث الميلاتونين: وجدنا أن جرعة تعادل (3 ملغ أو أكبر) يمكن أن تعطي تأثيراً منوماً تقريباً على ثلث الأشخاص الذين تناولوها وتجعلهم ينامون. فهي تنجح لدى البعض ولكنها لا تؤثر في الآخرين؛ ويجب عليك فقط أن تقوم بتجربتها لتحدد إلى أية فئة تنتمي.”

تغيير ساعة الجسم البيولوجية

يُجمع الخبراء على أن تعاطي مكملات الميلاتونين يمكن أن يؤثر بشكل كبير على علاج الاضطرابات في إيقاع الساعة البيولوجية للجسم مثل تأخر مراحل النوم والاستيقاظ، وذلك عندما لا ترتفع مستويات الميلاتونين الطبيعية في الجسم في الوقت الطبيعي، مما يجعل بدء النوم أكثر صعوبة؛ وكذلك الأمر بالنسبة للاستيقاظ في الصباح.

شملت إحدى الدراسات المنشورة في يونيو/ حزيران في مجلة PLOS Medicine متابعة حالة 116 رجلاً مصاباً بالاضطراب وبينت الدراسة أن الأشخاص الذين تناولوا 0.5 ملغ من الميلاتونين سريع التحرر، قبل ساعة واحدة من موعد النوم المطلوب، ناموا في وقت أبكر يقدر بحوالي 34 دقيقة في المتوسط ما لا يقل عن خمس ليال في الأسبوع​؛ وناموا بشكل صحي أكثر، كما تميزوا بنمط طبيعي من النوم بعد 4 أسابيع.

الخلاصة:

بالنسبة للبالغين الذين تم تعديل ساعة الجسم البيولوجية لديهم نتيجة  أي مسبب، وبالنسبة للأطفال الذين لا ينامون بسبب الإصابة بالتوحد واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط فإن الأمر بالتأكيد يستحق المحاولة وفقاً لما يقوله الخبراء. ما يتوجب على أي شخص هو اختيار علامتك التجارية بحكمة، واستشارة الطبيب من أجل الحصول على الجرعة والتوقيت الصحيح، وبمجرد عودة جدول نومك إلى المسار الطبيعي يجب التوقف عن تناول الميلاتونين.

وتقول الدكتورة غولدشتاين: “إننا لا نعلم بعد فيما إذا كان من الآمن تناول الميلاتونين على المدى الطويل.”

كما أنه لم يتم اختبار غالبية أنواع المكملات الغذائية لدى النساء الحوامل والمرضعات. إذا كنت حاملاً أو مرضعة، تعتبر استشارة الطبيب أمراً بالغ الأهمية قبل تناول أي دواء أو أي نوع من المكملات، بما في ذلك الميلاتونين.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top