إلى متى يجب عليكِ الانتظار؟
تحدُث الكثير من التغيرات في جسم المرأة وحياتها الجنسية نتيجة الحمل والولادة، فمن الممكن أن تؤدي التغيرات الهرمونية بعد الإنجاب إلى جعل أنسجة المهبل أكثر رقة وحساسية، كما لابد من “عودة ” المهبل والرحم وعنق الرحم إلى أحجامهم الطبيعية، بالإضافة إلى أنَّ الرغبة الجنسية تنخفض عند المرأة المرضعة. باختصار، يحتاج جسمكِ لاستراحة بعد الولادة.
لا توجد مدة زمنية محددة تفصل بين الإنجاب وممارسة الجنس، ولكن معظم الأطباء ينصحون النساء بالإنتظار لأربع أو ست أسابيع بعد الولادة المهبلية.
بعد أن يُعلمك الطبيب بإمكانية استئناف نشاطكِ الجنسي، قد تحتاجين لأخذ الأمور بروية، فبالإضافة إلى مرحلة التعافي الجسدي، ستكونين أيضاً بصدد التأقلم مع قدوم طفل جديد للعائلة، وقلة النوم، وتغيُّر عاداتك اليومية.
قد تحتاجين أيضاً إلى الانتظار لوقتٍ أطول في حالة التمزُّق العجاني أو شق العجان. وشق العجان هو شقٌّ جراحيٌّ يُجرى بغرض توسيع قناة المهبل. فالعودة للجنس في وقتٍ مبكر يمكن أن تزيد خطر تعرضك للمضاعفات، كالنزف التالي للوضع وإصابة الرحم بعدوى.
تابعي القراءة للتعرفي أكثر على آثار الحمل والإنجاب على الجنس، وكيفية تحقيق حياة جنسية صحية ومُرضِية بعد الإنجاب.
كيف يؤثر الإنجاب على الجنس؟
ستشعرين باختلافٍ عند ممارسة الجنس بعد الإنجاب، إذ وجدت دراسة محدودة أجريت عام 2005، أن 83 بالمئة من الإناث واجهن مشاكل جنسية في الأشهر الثلاثة الأولى بعد إنجابهن للمرة الأولى، ولكن ذلك الرقم استمر بالانخفاض مع انقضاء المزيد من الأشهر التالية للحمل.
وفي ما يلي أشهر المشاكل المرتبطة بالجنس بعد الإنجاب:
- الجفاف المهبلي
- ترقق نسيج المهبل
- فقدان المرونة في نسيج المهبل
- التمزُّق العجاني أو شق العجان
- نزيف
- ألم
- “ارتخاء” العضلات
- تقرُّح
- إرهاق
- انخفاض الرغبة الجنسية
تلعب الهرمونات دوراً كبيراً في مرحلة التعافي بعد الإنجاب، وفي العودة للنشاط الجنسي المُعتاد.
في الأيام التي تلي الإنجاب مباشرة، ينخفض الإستروجين لمستوياته التي كان عليها قبل الحمل، وإذا كانت الأم ترضع طفلها طبيعياً، فمن الممكن أن تنحدر مستويات الإستروجين إلى ما دون ما كانت عليه قبل الحمل. يساعد الإستروجين على تزويد المهبل بالترطيب الطبيعي، لذا فإنَّ انخفاض مستوياته يزيد من احتمال الجفاف المهبلي.
يمكن أن يؤدي جفاف الأنسجة إلى الالتهاب وحتى النزيف أثناء ممارسة الجنس. الأمر الذي يرفع خطر إصابتك بالعدوى. كما يمكن أن تتمدَّد عضلات قناة المهبل بشكلٍ مؤقت نتيجة الولادة المهبلية، وستحتاج هذه العضلات وقتاً لاستعادة قوتها ومتانتها.
في حال حدوث التمزُّق العجاني أو شق العجان خلال الولادة المهبلية، فمن الممكن أن تستغرق مرحلة التعافي وقتاً أطول، بالإضافة إلى أنَّ ممارسة الجنس في وقتٍ مبكر يمكن أن يرفع خطر إصابتك بعدوى.
تعدُّ الولادة القيصرية أيضاً من الأمور التي يُحتمل أن تؤثر على الإحساس المهبلي. ويمكن لنفس المشاكل الهرمونية أن تجعل أنسجة المهبل جافة وضعيفة، وقد تؤدي للشعور بألمٍ أثناء ممارسة الجنس.
بالإضافة لذلك، ستكونين في مرحلة التعافي من جراحة في البطن، لذا يجب أن تتأكدي من شفاء موضع الجرح بشكلٍ كامل قبل العودة لممارسة الجنس.
ما هي أسرع مدة لحدوث الحمل بعد الإنجاب؟
تستعيد المرأة قدرتها على الحمل بعد الإنجاب بسرعة مفاجأة، فقد وجدت إحدى الدراسات أنَّ الإباضة الأولى للنساء غير المرضعات تحدث في حوالي 6 أسابيع، ويمكن أن تحدث عند بعض النساء في وقتٍ أبكر.
إذا كنت مرضعة، فإنَّ الفوائد الهرمونية للإرضاع قد تلعب دوراً في منع الحمل طبيعياً للأشهر الأربعة إلى الستة الأولى بعد الإنجاب. يمكن أن تكون الرضاعة الطبيعية فعالة في منع الحمل بنسبة 98 بالمئة عند النساء اللواتي:
- لم يمر علي إنجابهن للطفل أكثر من 6 أشهر
- مازلن يرضعن أطفالهن رضاعة حصرية
- لم يبدأن الحيض بعد
لكن هنالك حوالي 1 من كل 4 نساء فقط ممن يلجأن بصورة صحيحة إلى وسيلة انقطاع الطمث الإرضاعي، أو الإرضاع الطبيعي كطريقة لمنع الحمل. إنَّ عدم الالتزام بهذه الطريقة كما يجب يزيد من فرص حدوث الحمل.
إذا أردت ممارسة الجنس بعد الحمل دون المخاطرة بالحمل السريع بطفلٍ ثان، فعليكِ التفكير باستخدام طُرق منع الحمل الموثوقة.
إنَّ استخدام الطريقة العازلة كالواقي الجنسي، هو أمرٌ جيدٌ في البداية، كما يمكنكِ أيضاً استخدام الوسائل التي يتم زرعها في الرحم كاللولب الرحمي، ولكن الخيارات الهرمونية يمكن أن تؤثر على الرضاعة الطبيعية، وقد تترافق أيضاً بمخاطر معينة، كارتفاع خطر تخثُّر الدم.
اسألي طبيبك عن الخيار المناسب لكِ.
هل من الآمن أن تحمل المرأة مجدداً في السنة الأولى؟
الحمل بسرعة كبيرة بعد الإنجاب يمكن أن يزيد من خطر الولادة المبكرة أو العيوب الخلقية.
إنَّ خبراء الصحة يشجعون النساء على المباعدة بين الولادات. ينصح مكتب صحة المرأة في الولايات المتحدة بالانتظار 12 شهر على الأقل بين كل حمل. بينما تنصح منظمة “مارتش أوف دايمز” بالانتظار 18 شهراً.
يجب أن تستشيري طبيبك عند التفكير بالحمل بطفلٍ آخر، لأنَّ الطبيب هو الأكثر دراية بتاريخكِ الصحي، وسيقدم لكِ النصائح التي تناسب حالتك الخاصة.
هل النزيف خلال الجنس أمرٌ طبيعي بعد الإنجاب؟
في الأسابيع التي تلي الإنجاب مباشرة، من المرجَّح أن تختبري بعض النزيف العادي الذي يترافق مع مرحلة تعافي الرَّحم، ويمكن أن يتسبب الجنس بخسارةٍ إضافية للدَّم.
وبالمثل، يمكن أن يصبح المهبل أكثر جفافاً وحساسية في الأسابيع الأولى بعد الإنجاب، الأمر الذي يجعل العضلات أضعف، ويؤدي إلى حدوث التمزُّق والضرر. ومن الممكن حتى أن يصاب المهبل بالتهابٍ أو تورمٍ، ولا يُستغرب في هذه الحالات حدوث النزيف.
في حال عدم توقف النزيف أثناء ممارسة الجنس خلال 4 أو 6 أسابيع، أو في حال ازدياد حالته سوءاً، زوري طبيبك، فمكن الممكن أن تكوني مصابة بجرحٍ أو التهابٍ يتطلب العلاج قبل العودة مجدداً لممارسة الجنس.
آثار الحمل والإنجاب على الرغبة الجنسية
هرموني الإستروجين البروجستيرون أساسيان لنمو الطفل بطريقة صحية خلال الحمل، كما أنهما يلعبان دوراً أساسياً في رغبتك الجنسية.
تكون مستويات هذه الهرمونات مرتفعة جداً خلال الحمل. لكن عند ولادة الطفل، ستنخفض بشكل ملحوظ، وتعود إلى مستوياتهما قبل الحمل. وهذا يعني أنك قد لا تشعرين بأية رغبة جنسية لبضعة أسابيع، وفي جميع الأحوال يجب أن تنتظري 4 أو 6 أسابيع، لأن جسمك يكون في طور التعافي.
بعد أن يعطيك الطبيب الضوء الأخضر لمتابعة نشاطاتك الجنسية، من الممكن أن تقرري الانتظار لمدة أطول قبل العودة لحياتك الجنسية الطبيعية. وجدت إحدى الدراسات أنَّ 89 بالمئة من النساء استأنفن نشاطهن الجنسي خلال 6 أشهر من الإنجاب.
إذا كنت مرضعة، فقد تتطلب عودة رغبتك الجنسية وقتاً أطول مقارنة بالنساء غير المرضعات، وذلك لأنَّ الرضاعة الطبيعية تُبقي معدلات الإستروجين منخفضة.
لا يُنصح بمكملات الإستروجين للمرأة المرضعة لأنها قد تؤثر على إنتاج الحليب.
عندما تتزامن التغيرات الهرمونية مع الإرهاق الناتج عن تحمل مسؤولية رعاية المولود الجديد، فلن تشعري حتى بأنَّ المشاعر الحميمة واردة بينك وبين شريكك.
مع تأقلم جسمك مع وضعه الطبيعي الجديد أو عند توقفك عن الإرضاع طبيعياً، ستبدأ الهرمونات بالعمل مجدداً، وعندئذٍ يجب أن تشعري بعودة رغبتك الجنسية.
نصائح لحياة جنسية صحية بعد الحمل
من الممكن أن تحظي بحياة جنسية صحية ومُرضِية بعد الحمل، وستُساعد هذه النصائح على ذلك:
- خذي الأمور برويَّة. في الأسابيع الأولى بعد أن يسمح لكِ الطبيب بالعودة لممارسة الجنس، قد لا يكون جسدك جاهزاً للعودة إلى الأنشطة التي اعتدتِ عليها قبل الحمل، لذا لا تستعجلي بل خذي الأمور بروية، وجربي الممارسات الحميمة التي تُهيّئك للجنس مجدداً، كالتدليك.
- أطيلي مدة المداعبة. امنحي المهبل وقته ليتمكن من إنتاج مرطبه الطبيعي، إمَّا من خلال إطالة مدة المداعبة، أو تجربة الاستمناء المشترك مع الشريك، أو القيام بممارساتٍ أخرى قبل الإيلاج الجنسي.
- استخدمي المُزَلِّق. قد تحتاجين لمساعدة المزلق أثناء فترة عودة الهرمونات إلى مستوياتها. ابحثي عن خيارٍ ذو قوامٍ مائي، لأنَّ المزلقات ذات القوام الزيتي يمكنها تخريب الواقيات الجنسية، والتسبُّب بالتهابٍ في الأنسجة.
- مارسي تمارين كيجل. إنَّ تمارين كيجل قادرة على إعادة بناء عضلات قاع الحوض، الأمر الذي يُساعد في حلِّ المشاكل الشائعة التي تلي الإنجاب مثل السَّلَس. يُساهم تمرين العضلات أيضاً في استعادة القوة والإحساس في المهبل. يمكنكِ زيادة قدرتك على التحمل من خلال قبض العضلات لمدة أطول.
- خصصي وقتاً للجنس. إن قدوم المولود الجديد قد يحرمك من إمضاء وقت طويل مع الشريك. لذا خصصي مسبقاً بعض الوقت لتكونا سوية، وبهذه الطريقة لن تشعري بأنك مستعجلة أو مرتبكة.
- تحدثي مع شريكك. إنَّ الجنس بعد الإنجاب ليس سيئاً، بل مختلف، ويمكن للاختلاف أن يكون ممتعاً ومثيراً. لكن يجب أن تُبقي الحوار مفتوحاً مع شريكك حول ما ترغبين به وما لا ترغبين به، فذلك سيُساعدك على الاستمتاع بالجنس مجدداً، وتأكدي من عدم الشعور بألمٍ غير ضروري.
الخلاصة
يتسبَّب الحمل بالكثير من التغيرات الفزيائية في الجسم، ولهذا السبب يجب الانتظار من 4 إلى 6 أسابيع بعد الإنجاب قبل العودة لممارسة الجنس.
خلال مرحلة التعافي، سيتقلَّص حجم الرَّحم، وستعود الهرمونات إلى مستوياتها قبل الحمل، وستستعيد العضلات قوتها وثباتها.
بعد أن يُعلمك الطبيب بإمكانية العودة لممارسة الجنس، احرصي على أخذ وقتكِ الكافي قبل العودة للحياة الجنسية.
إذا استمر شعورك بأيِّ ألمٍ أو أعراضٍ، تحدثي إلى طبيبك، لأنَّ الجنس المؤلم قد يكون بمثابة إشارة لوجود حالاتٍ أخرى غير متعلقة بالتعافي من الحمل.