نعم، إن التدخين هو المسبب الرئيسي لسرطان الرئة، ولكن يمكن لغير المدخنين أيضاً أن يصابوا بالمرض، وإليكم بعض أسباب ذلك.
لماذا يصاب غير المدخنين بسرطان الرئة؟
يقول فينسينت لام وهو أستاذ في الطب وأخصائي في سرطان الرئة في جامعة تكساس مركز مد أندرسون للسرطان في هيوستن: ” إن خطر الإصابة بمرض السرطان لا يقتصر على المدخنين فقط، فحوالي 20% من أورام الرئة تتطور لدى غير المدخنين، ولكن يوجد بين المجموعتين الكثير من الفوارق الكافية لاعتبارهما مرضان مستقلان”، كما يميل الأشخاص المصابين بسرطان الرئة ممن لم يسبق لهم التدخين لأن يكونوا أصغر سناً من المدخنين (والمدخنين السابقين) المصابين بالمرض، وغالباً ما يكونوا من النساء.
الأورام أيضاً مختلفة، وتتميز بطفرات جينية مغايرة، فحوالي نصف الأورام لدى غير المدخنين لديها طفرات يمكن معالجتها عن طريق الأدوية الحديثة، وهذا يمكن أن يساعد على تفسير سبب بقاء المصابين بسرطان الرئة من غير المدخنين على قيد الحياة لمدة أطول من المدخنين الحاليين أو السابقين المصابيين بالمرض.
الأبحاث ما زالت تختبر كل العوامل التي تساهم في الإصابة بسرطان الرئة لدى غير المدخنين، ولكن بعض الحالات يمكن ألا تفسر أبداً، فإليكم ما هو معروف حتى الآن.
1- الرَّادون
تُعرِّف جمعية حماية البيئة الرادون بأنه سببٌ أساسي لسرطان الرئة بعد التدخين، فغاز الرادون هو ناتج ثانوي من تحلل اليورانيوم، ويمكن أن يتواجد في الهواء حولنا وهو غير مؤذ بشكل عام، ولكن يصبح هذا الغاز الإشعاعي الطبيعي خطراً عندما ينحصر أو يتركز مثلما يحدث في المناجم أو في الطوابق السفلية في بعض البيوت، وبالرغم من ذلك فإن الإصابة بالمرض تحدث بعد التعرض له لمدة طويلة، ولأن الرادون غير مرئي وليس له رائحة، فإن الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان موجوداً حولك هي بإجراء فحصٍ للكشف عنه، فإن الجهات الرسمية تنصح بأن تُفحص جميع المنازل بواسطة أدوات سهلة الاستعمال، فإن كانت معدلاته عالية جداً فمن الممكن تخفيضها.
على الرغم من أن الرادون يمكن أن يتواجد في أي منطقة لكن بعض المناطق تميل إلى أن تكون معدلاته فيها أعلى من غيرها.
2- المدخنون السلبيون
حوالي 15% إلى 35% من حالات سرطان الرئة في غير المدخنين يمكن أن يعود سببها لاستنشاق دخان المدخنين، وهذا ما يُعرف بالتدخين السلبي، وهناك نوعان مختلفان له، الأول هو التدخين السلبي غير المباشر (وهو الأكثر سُميَّة بينهما) ويحدث عندما يستنشق غير المدخن الدخان الخارج من النهاية المشتعلة من سيجارة أو سيجار المدخن، والثاني هو التدخين السلبي المباشر، ويحدث عندما يستنشق غير المدخن الدخان الصادر عن زفير المدخن.
لحسن الحظ فقد اتخذت خطوات كبيرة للحد من التعرض للتدخين السلبي، ويقول أحمدين جيمال الحاصل على شهادة دكتوراه ونائب رئيس أبحاث المراقبة والخدمات الصحية في الجمعية الأمريكية للسرطان في أتلانتا: ” لهذا منعنا التدخين في المطام وفي أماكن العمل والحدائق”
بعض الناس حساسة أكثر للإصابة بسرطان الرئة عن طريق التدخين السلبي ومنهم اللذين قد تعرضوا له في الطفولة أو اللذين يعيشون في ببيئة فقيرة.
3- الأسبيست (الاميانت أو الحرير الصخري)
الأسبيست هي مجموعة من المعادن التي توجد في الكثير من مواد البناء وقطع السيارات والسفن، ولأنه من المعروف أن الأسبيستوس يسبب سرطان الرئة فهو يستخدم بكميات أقل بكثير في يومنا هذا مقارنة بالسنين الماضية.
أنت معرض لخطر الإصابة بمرض السرطان بسبب الأسبيستوس إن كنت تعمل بأعمال صناعية عالية الخطورة كالبناء وخاصة إن كان عملك يتضمن إزالة الأسبيست.
يقول الدكتور جيمال: ” مساهمة الأسبيست في الإصابة بمرض سرطان الرئة ضئيلة وربما انخفضت أكثر على مر الوقت”
4- تلوث الهواء
التلوث الناتج عن عوادم العربات ومحطات الطاقة ومواقد الخشب وباقي المصادر يحتوي على جزيئات يمكنها أيضاً أن تؤدي إلى سرطان الرئة، ففي الولايات المتحدة استطاع قانون الهواء النقي التقليل بشكل كبير من تلوث الهواء – ونسب سرطان الرئة الناتجة عن تلوث الهواء– ولكن هذه المشكلة مازالت من المشاكل الرئيسية في مناطق أخرى من العالم كالصين.
وفي الواقع فقد أعلنت الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) في عام 2013 أن الهواء الخارجي أصبح أحد العوامل المحتملة المسرطنة بسبب صلته بسرطان الرئة والمثانة.
5- تعرض الصدر للأشعة
الناس الذين تلقوا علاج الأشعة لصدرهم ( عادة لنوع آخر من السرطان) هم أيضاً أكثر عرضة لسرطان الرئة حتى ولو لم يدخنوا أبداً.
تقول الدكتور لام: “بالنسبة للنساء اللواتي سبق وتعرضن للأشعة من أجل علاج سرطان الثدي، أو المرضى الأصغر سناً ممن تعرضوا للأشعة بسبب معاناتهم من مرض لمفُومة هودجكين، فإن هذا التعرض للأشعة يزيد من خطر إصابتهم بسرطان الرئة، ولكن ذلك ليس بلأمر الشائع”.
6- الطفرات الجينية
بالإضافة للاختلافات الجينية بين أورام سرطان الرئة لدى المدخنين أو المدخنين السابقين وبين غير المدخنين، فإن الأبحاث تكتشف أيضاً اختلاافات جينية في الناس أنفسهم، والتي يمكن أن تنتقل إليك عبر الوراثة ( ولهذا السبب يكون سرطان الرئة في بعض الأحيان منتشراً بين العائلات ) أو يمكن أن تكتسبها خلال حياتك الجارية.
7- تلوث الهواء في الأماكن المغلقة
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن حوالي 3 مليارات شخص حول العالم يطبخون ويدفئون منازلهم بالوقود الصلب (الخشب والفحم)، أو يطبخون على اللهب المكشوف، وهذا النوع من الطهي المقترن بسوء التهوية يؤدي إلى مستويات عالية من تلوث الهواء في الأماكن المغلقة، والذي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة.
ومن المرجح أن النساء والأطفال يتأثرون أكثر بهذا التلوث الداخلي بسبب قربهم من نار الطهي، والوقت الذي يقضونه في المنزل، وإن المناطق ذات النسب العالية لهذا النوع من التلوث تكون حيث المجموعات السكنية ذات الدخل المتدني حول العالم، كما في المناطق الريفية في الصين .
كيفية الوقاية من سرطان الرئة
إن كنت من غير المدخنين فإن أفضل شيء يمكنك القيام به للوقاية من سرطان الرئة هو الابتعاد عن المدخنين، والقيام بفحص نسب الرادون في منزلك، والتأكد من توافر معايير السلامة في العمل، وذلك إن كنت تعمل في أعمال صناعية عالية الخطورة.
يُوصى الآن باللجوء إلى التصوير المقطعي المحوسب CT screenings” ” لفحوصات سرطان الرئة عند الأشخاص الأكثر عرضة له (كالمدخنين منذ أكثر من 55 عاماً، بالإضافة إلى العوامل الخطرة الأخرى)، ولكن بالنسبة للأشخاص الآخرين فإن مخاطر الفحص تفوق عموماً فوائده، فعلى سبيل المثال، إن الاختبار الذي يُعرِّض الناس لجرعة من الإشعاع وتكون نتيجة بعضهم إيجابية كاذبة، تدل نتيجته على الإصابة بالسرطان، ولكن تبين المزيد من الاختبارات لاحقاً أن المريض غير مصاب فعلياً بالسرطان.
هنالك أيضا أدلة تشير إلى أن النظام الغذائي الصحي الغني بالفواكه والخضروات قد يساعد على تجنب سرطان الرئة، وتقول تيسيانا ليال ” Ticiana Leal” وهي أستاذة مساعدة في الطب بجامعة ويسكونسن في مركز كاربون للسرطان في ماديسون، ويس: “إن تناول الطعام الصحي والحفاظ على الصحة بشكل عام يمكن أن يساعد على الوقاية من السرطان، فعدم الحرص على هذه الأمور يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة “.