يصاب الإنسان بالإسهال نتيجة لتناوله الأطعمة الملوثة أو إصابته بأحد الأمراض المزمنة أو حتى عن طريق الأدوية التي يتناولها. اكتشف ما الذي يسبب الإسهال لك؟ – وكيف تقي نفسك من الإصابة به؟
تسجل حوالي 179 مليون حالة إسهال في الولايات المتحدة كل عام، وتوجد أسباب كثيرة ومتنوعة يمكن أن تتسبب بإحداث نوبة إسهال.
إلا أننا بإمكاننا تقسيم معظم أسباب الإسهال إلى فئتين رئيسيتين: فئة معدية وفئة غير معدية.
تشمل فئة أسباب الإسهال المعدية البكتيريا والفيروسات والميكروبات الأخرى التي غالبا ما تنتشر عن طريق الأغذية الملوثة. ويقول الطبيب لورنس شيلر، العضو المنتدب السابق في الكلية الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي، إن الإسهال الناجم عن العدوى عادة ما يأتي بسرعة ويختفي في غضون أيام قليلة. “تعمل معظم أجهزة المناعة على التخلص من العدوى بسرعة”.
أما أسباب الإسهال غير المعدية تشمل الآثار الجانبية للأدوية وأعراض الأمراض المزمنة. والخبر السار هو أنه يمكن علاج معظم أنواع الإسهال بغض النظر عن السبب الكامن وراءه.
فيما يلي بعض الأسباب الأكثر شيوعا لهذا الداء المزعج وكيف تحمي نفسك من الإصابة به.
طعام ملوث
يعد تلوث الأغذية أحد الطرق الرئيسية التي تدخل بها البكتيريا والفيروسات والطفيليات إلى نظام جسم الإنسان. كما يعاني معظم الناس المصابين بالإسهال من القيء الشديد ومن تقلصات في المعدة.
تتراكم البكتيريا التي تشمل الأنواع E. coli، وSalmonella، وCampylobacter، وShigella، Listeria، في البيض واللحوم النيئة وغير المطهية جيداً، والمحار، والحليب غير المبستر، والخضار النيئة. كما من المحتمل أن تكون في الأطعمة التي لم يتم تبريدها بشكل جيد بما فيه الكفاية.
مسببات الإسهال تلك يمكن العثور عليها في معظم أنواع الأطعمة الأخرى. يقول الدكتور شيلر، الذي يشغل منصب مدير برنامج الزمالة في كلية بايلور للطب في هيوستن: “إذا ما نظرنا الى علميات تحضير الطعام المعتمدة في الوقت الحالي، فإننا سنجد مجموعة متنوعة من الأصناف الملوثة بما فيها البسكويت “. “والأمر هنا لا يتعلق بعملية التصنيع أنما بمصدر الغذاء لأن كمية صغيرة من التلوث يمكن أن تصل إلى عدد كبير من الناس.”
يجب على الناس التأكد من غسل جميع المنتجات الغذائية بعناية قبل تناولها لضمان سلامتهم. وعليهم أيضاً يقوموا بطهي جميع أنواع اللحوم والدواجن والأسماك بشكل جيد، وغسل اليدين وجميع الأسطح التي تتلامس مع الطعام جيداً.
الاصابات الفيروسية
تعد الفيروسات أحد مسببات الإسهال الرئيسية. ولحسن الحظ عادة ما تعمل المعدة على التخلص منها وطرحها خارج النظام الحيوي للجسم في غضون أيام قليلة. إلا أن العدوى يمكن أن تنتقل عبر الطعام الملوث أو حتى أثناء زيارة المزارع أو لمس الحيوانات.
يعتبر نورو فيروس من أكثر الفيروسات المسببة للإسهال شيوعاً، والذي تسبب بحدوث العديد من الأوبئة البارزة على متن السفن السياحية.
“ينتشر نورو فيروس بسرعة (من شخص إلى آخر)، لذلك نسمع بانتشاره كثيراً على متن السفن “، هذا بحسب قول الطبيب شون دريك، اختصاصي الطب البشري العام الذي يعمل في نظام هنري فورد الصحي في ستيرلينغ هايتس، ميشيغان.
يمكن أن يكون فيروس نورو خطراً عند تواجده في أماكن ضيقة أخرى مثل دور رعاية المسنين والمستشفيات والمدارس والسجون.
لتجنب الإصابة بالفيروسات يجب غسل اليدين بتكرار معقول، وممارسة النظافة الغذائية الذكية، وعدم مشاركة الطعام أو المشروبات مع شخص مريض.
بالنسبة للمسافر
انتقال المرض عن طريق الغذاء أمر شائع جداً في المنزل الواحد. إلا أن الأمر يصبح أكثر خطورة عندما يكون الشخص مسافر، بالأخص عندما تكون الوجهة إلى العالم النامي. حقيقة اكتسب الإسهال العديد من الأسماء المختلفة باختلاف البلدان، من بينها إسهال المسافر (لا ينبغي الخلط بينه وبين إمساك العطل) وانتقام مونتيزوما.
فأثناء السفر يتعرض جسدك لميكروبات البلدان الأخرى، وتختلف ممارسات النظافة فيها عن تلك المتبعة في بلادك.
“إسهال المسافر حالة شائعة جدا تدل على الإصابة بالإسهال الحاد”، تقول الدكتورة شيلر مضيفة ” يصاب الناس عادة بالميكروبات الموجودة في الطعام أو الماء. والنصيحة هنا أن يتوخى الشخص الحذر: لا تأكل الطعام الذي لا تستطيع تقشيره، ولا تشرب من مياه الصنبور، ولا تستهلك الثلج. ”
إلك أيضا بعض الاحتياطات الأخرى التي يجب اتخاذها:
- تأكد من طهي الطعام بشكل جيد.
- قم بشرب المشروبات المقدمة لك من الزجاجة مباشرة، بما في ذلك الماء والبيرة والنبيذ.
لا تنظف أسنانك بماء الصنبور ولا تغلق فمك عند الاستحمام.
- عند استخدامك ماء الصنبور، تأكد من غليه لمدة خمس دقائق على الأقل.
- تأكد من أن الحليب مبستر.
- لا تأكل طعام الباعة المتجولين.
- اسأل طبيبك قبل أن تسافر عن المضادات الحيوية الوقائية أو الأدوية الأخرى التي تحميك من الإصابة بالإسهال.
الأدوية
من المثير للسخرية تسبب بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الإسهال البكتيري -أي المضادات الحيوية -الإسهال.
والمشكلة تكمن في عدم قدرة المضادات الحيوية على التمييز بين البكتيريا “السيئة” (التي قد تسبب العدوى) والبكتيريا “الجيدة” (التي تعتبر حيوية لصحة القناة الهضمية).
كما قد تمهد المضادات الحيوية الطريق للعدوى ببكتيريا المطثيات الصعبة نتيجة تغييرها لفلورا الأمعاء، بالتالي تسبب اشتداد الإسهال والإصابة بالإسهال المزمن.
كما تعد بعض أدوية ضغط الدم، أدوية السرطان، مضادات الحموضة التي تحتوي على المغنيسيوم، والعقاقير المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) من مسببات المشاكل في الجهاز الهضمي، بما في ذلك الإسهال.
وهذا يشمل الدواء السكري ميتفورمين، يقول الدكتور دريك. “لهذا السبب نقترح أن يبدأ المريض بأخذ جرعة قليلة وثم نزيدها تدريجياً للحد من هذا الخطر.”
حساسية الطعام
تختلف حالة الحساسية تجاه أحد أنواع الطعام عن التسمم الغذائي أو الأمراض المنقولة بالغذاء، ولكنها قد تسبب الإصابة بالإسهال. حساسية الطعام تشير الى أن جسم المصاب يعاني من مشكلة في هضم بعض الأطعمة. وتعد حساسية اللاكتوز أحد أشكال حساسية الطعام الأكثر شيوعاً، وتنتج هذه الحساسية عن افتقار جسم المريض إلى الإنزيم الضروري لمعالجة اللاكتوز، واللاكتوز أحد أنواع السكريات ويتواجد في منتجات الألبان. والشخص الذي لديه حساسية للاكتوز من المحتمل أن يصاب بالإسهال عند شربه الحليب أو أكله اللبن أو الجبن.
يقول دريك: “حساسية اللاكتوز مشكلة عصيبة وخطيرة عندما تصبح مزمنة”. ” يبدأ الناس عادة في التعرف على هذا النمط من التحسس عندما يلاحظون انزعاجهم بعد كل مرة يأكلون فيها البيتزا أو يشربون كوباً من الحليب، وشعورهم بألم مضطرب وإصابتهم بالإسهال».
كما يعاني بعض الناس من حساسية للفركتوز والسكريات المتوفرة في الفواكه والعسل الذي يضاف للأطعمة أحياناً كمحلّي (ابحث في قائمة المكونات عن شراب الذرة عالي الفركتوز)، أضف الى ذلك الحساسية للسوربيتول والمانيتول، وهما من المحليات الاصطناعية الموجودة في المنتجات الخالية من السكر. كما يمكن أن تتوافر في بعض المنتجات الأخرى مثل العلكة والحلوى.
يصاب الأشخاص بالإسهال نتيجة الحساسية الغذائية، على الرغم من أن الأعراض الأكثر شيوعاً هي حدوث تورم أو الشعور بالحكة، ويقول الدكتور دريك “أفضل شيء يمكن لهؤلاء فعله هو تجنبهم تناول أي أطعمة تسبب لهم المتاعب.
متلازمة القولون العصبي (IBS)
إن القولون العصبي هو اضطراب هضمي يشير إلى مجموعة من الأعراض التي غالباً ما تظهر على المريض في آن واحد، تشتمل أعراض القولون العصبي على الانتفاخ والإسهال والإمساك والشعور بعدم الارتياح بشكل عام. تختلف أعراض هذا المرض من شخص إلى آخر فالبعض يصابون بالإسهال، آخرين يصابون بالإمساك، إلا أن غالبية مرضى القولون العصبي يصابون بالإسهال والإمساك بشكل متناوب.
ما زالت أسباب متلازمة القولون العصبي غامضة حتى يومنا هذا، ويعتقد أن الإصابة بها تعود إلى وجود خلل في آلية اتصال الدماغ مع القناة الهضمية ومع تغيرات تراكيز وتوازن بكتيريا الأمعاء.
في حال توقع المريض أن القولون العصبي هو الذي يتسبب بحدوث الإسهال، فقد يقترح الطبيب هنا أن يقوم المريض بالاحتفاظ بمفكرة طعام ليضع نظام غذائي خاص به بحيث يتجنب تناول الأطعمة التي تسبب الأعراض. توجد بعض الأدوية تفيد في السيطرة على القولون العصبي.
مرض الاضطرابات الهضمية
مرض الاضطرابات الهضمية أحد أمراض المناعة الذاتية، ولم يتمكن الخبراء من معرفة السبب الحقيقي الكامن وراء الإصابة به، إلا أن أعراض هذا المرض تشتعل عند المرضى به نتيجة تناولهم الغلوتين، والغلوتين أحد أنواع البروتينات يتواجد في القمح والشعير والشوفان. والإسهال هو أحد أعراض التهاب الأمعاء المحتملة. وتتشمل الأعراض الأخرى على الانتفاخ، والتعب، والغثيان، والتقيؤ، والإمساك، والغازات، وفقدان الوزن. لذلك يجب على الأشخاص المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية اتباع نظام غذائي صارم خال من الغلوتين. يمكن أن يؤدي مرض الاضطرابات الهضمية في حال عدم التقيد بنظام غذائي خال من الغلوتين إلى ضرر في بطانة الأمعاء وفقر الدم وصعوبة في امتصاص جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم.
يزول الإسهال وكافة أعراض الاضطرابات الهضمية الأخرى عندما يلتزم المريض بنظام غذائي خالٍ من الغلوتين.
يعتقد 1 ٪ من السكان أن لديهم مرض الاضطرابات الهضمية، ولحسن الحظ تتوفر الأطعمة الخالية من الغلوتين على نطاق واسع.
مرض التهاب الأمعاء (IBD)
غالباً ما يتم الخلط بين IBD وIBS، إلا أن لكل منهما كيان مختلف تماماً عن الآخر. أحدهما متلازمة كرون “التهاب الأمعاء الناحي” والآخر التهاب القولون التقرحي. يتشابهان في أن القناة الهضمية ملتهبة في كلتا الحالتين، مما يقلل من قدرتها على امتصاص وتوصيل المغذيات.
يؤثر داء كرون على أي جزء من أجزاء الجهاز الهضمي الطويل، أما التهاب القولون التقرحي فيستهدف بطانة القولون فقط، ويعد الإسهال أحد الأعراض الشائعة لكليهما. لم يصل الخبراء إلى السبب الدقيق للإصابة بكليهما، ويعتقد أن الوراثة والجهاز المناعي من المسببات الكامنة وراء الإصابة بهما.
لا يوجد علاج ناجح لمرض التهاب القولون أو التهاب القولون التقرحي. يطلب الطبيب من المريض اتباع نظام غذائي صحي، وينصح بتجربة عدة أنظمة غذائية مختلفة وعدة أدوية للعثور على المزيج المناسب له. قد يتطلب الأمر تدخل جراحي في الحالات القصوى.
ومن الجدير بالذكر أن داء أديسون (عدم قدرة الجسم على انتاج كمية كافية من هرمونات الكورتيزول والهرمونات الأخرى التي تفرزها الغدة الكظرية) يمكن أن يتسبب بإسهال مزمن.
أما الخبر السار بحسب أقوال الدكتور درايك، يمكن علاج جميع هذه الحالات، ومن المفترض أن يساعد العلاج في التخفيف من الإسهال والأعراض الأخرى.
الطفيليات
تعد الطفيليات كائنات حية صغيرة، كمثال عليها نذكر الفيروسات والبكتيريا، وهذه الأخيرة من المحتمل أن تلوث الطعام والماء وينتهي بها المطاف الى نظام الجسم بعد أكلها أو شربها -ومن المرجح أن يصاب الناس بالطفيليات اثناء السفر. غالباً ما تتواجد تلك الطفيليات في السمك الخام أو غير المطبوخ جيدا وكذلك لحم البقر ولحم الخنزير (سبب آخر لعدم تناول الأطعمة النيئة في الخارج). الطفيليات المعدية الشائعة هي Cryptosporidium، و Entamoeba histolytica، و Giardia lamblia.
تتسبب بعض أنواع العدوى بظهور أعراض أكثر شدة من غيرها، لذلك يجب أن يطلب المريض المساعدة الطبية في حال لحظ وجود دم في البراز أو إذا استمر الإسهال لفترة طويلة، بغض النظر عن المسبب، وهذا بحسب الدكتورة دريك.
اضطرابات الغدد الصماء
اضطرابات الغدد الصماء -تلك التي تتحكم بهرمونات الجسم – أحد أسباب الإسهال الشائعة.
مرض السكري أحد أسباب الإسهال القوية. يقول الدكتور شيلر: “يعاني 20 إلى 25٪ من المصابين بداء السكري طويل الأمد من الإسهال المزمن، خاصة إذا كانوا لا يعتنون بصحتهم جيداً”.
فرط نشاط الغدة الدرقية أيضاً أحد الأسباب الشائعة للإسهال. تشرح الدكتورة دريك: ” تقع الغدة الدرقية في مقدمة العنق وتساعد في التحكم بعملية الأيض”. ” وفرط نشاط الغدة الدرقية يتسبب في فقدان الوزن، والرعاش، وسرعة خفقان القلب. وتؤدي الى تسريع حركة الجهاز الهضمي “.