الإفراط في شرب الماء!
هناك أخبارٌ مفرحةٌ للذين يجدون صعوبةً بشرب الكؤوس الثماني من الماء الموصى بها. حيث يبدو ان هذه النّصيحة لا تنطبق على الجميع.
فقد أفاد بحثٌ مؤكّدٌ أجري في عام 2016 أنّ الجسم يخبرك بحاجته للماء بكلّ بساطةٍ. قد يبدو ذلك مبهماً لكن في بحثٍ نشر في Proceedings of the National Academy of Sciences أفاد فريقٌ من الباحثين في جامعة موناش Monash بأستراليا أنّ عدم شرب الماء يجعل البلع أصعب. إذاً عليك الاستماع لحلقك لأنّ هذه الميكانيكيّة تعزّز حقيقة اختلاف الأشخاص في حاجتهم لشرب الماء.
يقول رئيس البحث في جامعة موناش مايكل فاريل Michael Farrell: “علينا باتّباع ما يمليه علينا جسدنا، فعلينا بالشّرب عندما نشعر بالعطش وحسب وليس بأن نتّبع جدولاً معيّناً”.
والخبر الجيّد بالموضوع أنّ شرب الكميّة الموصى بها وهي ثمان كؤوسٍ من الماء ليس مضرّاً، وقد تزيد هذه الكميّة عند البعض أو تنقص.
إن كنّا نشرب فقط في حال العطش، كيف نعرف متى نكتفي؟
قد يشكّل الإفراط بشرب الماء مشكلةً وتدعى التّسمم بالماء أو hyponatremia نقص صوديوم الدّم حيث تصبح مستويات الصّوديوم في الدّم أدنى من معدّلاتها، ممّا يؤدّي لمشاكل كبيرةٍ كالخمول lethargy أو الغثيان أو الغيبوبة وحتى الموت.
ففي هذه الدّراسة طلب فاريل وفريقه من المتطوّعين أن يحدّدوا مستويات الجهد الذي يطلبه البلع تحت شرطين هما: بعد القيام بالتّمارين وهم يشعرون بالظّمأ، ولاحقاً عندما يشعرون بالحاجة لشرب كميّات كبيرةٍ من الماء. وقد وجد الفريق زيادةً للمجهود في البلع بمعدّل ثلاثة أضعافٍ عند الذين شربوا كميّاتٍ كبيرةً من الماء؛ وهذا ما يعتبر علامةً على أنّ الجسد ينظّم الماء المستهلك بتصعيب عمليّة البلع.
يتابع فاريل: ” وهكذا نجد أنّ هذا المجهود بالبلع بعد شرب كميّاتٍ كبيرةٍ من الماء يعزى إلى أنهّ كان عليهم التّغلّب على نوعٍ من المقاومة. وهذا يوافق نظريّتنا القائلة بأن منعكس البلع يتمّ تفعيله بعد شرب الماء”.
كما استخدم الفريق الرّنين النّووي المغناطيسي لقياس نشاط الدّماغ مباشرةً قبل شرب الماء ووفقاً للشّرطين الآنفي الذّكر. وعندها لاحظوا نشاطاً أكبر في الجهة اليمينيّة من الفص الجبهي للدّماغ؛ وذلك مباشرةً بعد شرب كميّاتٍ كبيرةٍ من الماء.
لقد بدأنا للتّو بفهم كيف يتحكم الجسم البشري باستهلاك الماء ممّا يساعد الأشخاص على معرفة ما عليهم شربه خصوصاً عندما يواجهون صعوبةً بشرب الكميّة الموصى فيها من الماء.
ويضيف فاريل: “لقد شهدنا حالاتٍ مات فيها عداؤو الماراثون بعد نصحهم بالتّزود بكثيرٍ من الماء؛ وذلك بعد أن أرغموا أنفسهم على شرب كميّاتٍ زائدةٍ عن حاجتهم من الماء.” وقد لاحظ أنّ الكبار في السن على وجه الخصوص لا ينالون كفايتهم من الماء؛ أي أنّهم على درايةٍ تامةٍ باستهلاكهم للماء.
ومازال ينصح بشرب الكؤوس الثماني الموصى بها يوميّاً، لكن في النّهاية عليك بالاستماع لنداء جسدك. فإنّ لم تستطع شرب المزيد من الماء، فتوقف لان جسدك يخبرك بذلك.