ما هو السبب الذي أدى إلى زيادة حالات الإصابة بالقوباء المنطقيّة؟
يوجد لدى الباحثين بعض النظريات التي يمكن أن تفسّر ذلك.
لُقاح جدري الماء
قبل إدخال لقاح جدري الماء في منتصف فترة التسعينات من القرن الماضي كان الجميع تقريباً في الولايات المتحدة يعانون من هذا الطفح الجلدي المسبب للتقرّحات والحكة؛ وقد انخفض عدد حالات الجدري بنسبة 90% منذ ذلك الحين.
تبين أنّ قلّة انتشار فيروس جدري الماء يمكن أن يكون مشكلة عندما يتعلق الأمر بالقوباء المنطقيّة.
الأساسيات: بالنسبة لمرض القوباء المنطقيّة أو الهِربس النّطاقيِّ
إذا كان الشخص مصاباً بجدري الماء يمكن عندها إصابته بالقوباء المنطقيّة؛ يمكن التّعرف على شكل أعراضها وكيفيّة معالجتها.
لقد قام الطبيب الإنجليزي وعالم الأوبئة إدغار هوب سيمبسون Edgar Hope-Simpson في فترة الستينيات من القرن الماضي بطرح فكرةٍ تقول بأن التعرّض لجدري الماء يمكن أن يساعد في تعزيز استجابة الجهاز المناعي ضد فيروس الهِربس النّطاقيِّ؛ وبعبارةٍ أخرى عندما تكون بالقرب من الأشخاص المصابين بالفيروس يبقى جهازك المناعي مسلحاً ومستعداً لمنع الفيروس من الاستيقاظ من جديد في جسمك.
ويقول الدكتور رافائيل هارباز Rafael Harpaz, أخصائي الأوبئة الطبية في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، والذي كان يدرس فيروس القوباء المنطقيّة منذ 15 عاماً: “إذا كان ما قاله الطبيب هوب سيمبسون صحيحاً فهذا يزيد من احتمال أن تقليل تعريض الأطفال للاختلاط مع المصابين بجدري الماء يمكن أن يعني بأن الأطفال يحصلون على كمية أقل من هذه التعزيزات المكتسبة [الخارجية]؛ وهذا بدوره يمكن أن يزيد من خطر تعرضهم للإصابة بالقوباء المنطقيّة وفي سن أصغر”.
من الممكن أيضاً أن يتسبب لقاح جدري الماء بحدّ ذاته بالإصابة بالقوباء المنطقيّة وذلك لأنه يحتوي على شكل حيّ ولكن ضعيف من الفيروس المسبب للمرض؛ ولكن الدكتور هارباز يقول إن خطر ذلك قليل جداً.
تبيّن من خلال دراسة تم إجراؤها في عام 2013 والتي شارك في كتابتها الدكتور هارباز عدم وجود صلة بين لقاح جدري الماء والقوباء المنطقيّة؛ وكشفت أن معدلات القوباء المنطقيّة بدأت في الارتفاع قبل ظهور اللقاح بوقت طويل.
بالرغم مما يقوله الدكتور هارباز بأن القضية معقّدة “لم يكن هناك أي دليل على حدوث زيادة في الإصابة بالقوباء المنطقيّة بعد إدخال اللقاح”.
نظريات أخرى
إذا لم يكن لقاح جدري الماء هو المسؤول؛ فما هو السبب وراء ارتفاع حالات القوباء المنطقيّة؟
إنّ أحد الاحتمالات التي قام الباحثون بدراستها هو ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من أمراض ضعف الجهاز المناعي مثل فيروس نقص المناعة البشرية والسرطان والتي يمكن أن تزيد من احتمال الإصابة بمرض القوباء المنطقيّة؛ ووجد الدكتور هارباز أنه قد زاد انتشار الهِربس النِّطاقيُّ أو القوباء المنطقيّة أيضاً بين الأشخاص الذين يتمتعون بمناعة صحية في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الأشخاص الذين يتمتعون بنظام مناعة قد تمّ كبحه.
لقد أُصيبت كريستال فيريك Crystal Fiereck بمرض القوباء المنطقيّة مرتين؛ وهي تبلغ 32 عاماً فقط.
الاحتمال الآخر هو أن المعدّلات المرتفعة للأمراض المزمنة مثل مرض السكري وأمراض القلب ربما تكون قد ساهمت في زيادة خطر الإصابة بالقوباء المنطقيّة؛ ومن جديد قام الدكتور هارباز وفريقه بدراسة هذا الموضوع حيث يقول “وجدنا وبشكلٍ أساسيٍّ أنه إذا كان يوجد هناك أيُّ احتمالٍ إضافي للإصابة بمرض [القوباء المنطقيّة] ضمن هذه المجموعات فقد كان ذلك الاحتمال ضئيلاً للغاية، ولم يكن كافياً لتفسير سبب ارتفاع معدلات القوباء المنطقيّة“.
الإجهاد
هو سبب آخر مشتبه به للارتفاع في حالات القوباء المنطقيّة؛ ويقول الدكتور جوسي مونتيرو Jose Montero أستاذ الطب في قسم الأمراض المعدية والطب الدولي في كلية الطب بجامعة جنوب فلوريدا: “عند المعاناة من الكثير من الإجهاد فإن نظام المناعة يتأثّر ويصبح أضعف بشكل مؤقت”. ويمكن أن يسمح هذا الضعف المؤقت الحاصل لفيروس الحُماق بالظهور مرة أخرى.
وقد تمعّن الدكتور هارباز أيضاً في ما إذا كان التوتر مرتبطاً بارتفاع معدّل الإصابة بالقوباء المنطقيّة؛ لكنه لم يجد دليلاً مباشراً على أنه يسبب المرض.
وبعد الكثير من البحث والتقصّي, هل اقتربنا من معرفة السبب في ارتفاع حالات الإصابة بالقوباء المنطقيّة؟ يقول الدكتور هارباز: “بإجابةٍ مختصرة, لا, ولا يزال الأمر كأحجية غير محلولة.”
اقرأ المزيد: أسباب زيادة حالات الإصابة بالقوباء المنطقيّة (2)