الإشاعة: النباتيون يتمتَّعون بصحةٍ أفضل من الذين يتناولون اللحوم
لا بدَّ من أنك قد سمعت بالضجة التي أُثيرت على مرِّ السنوات السابقة حول الفكرة القائلة بأنَّ اتباع النظام الغذائي النباتي أفضل للصحة، ولعلك قرأت في المجلات بعض ما جاء على لسان المشاهير عن تجربتهم في التخلي عن تناول اللحوم والمنتجات الحيوانية، وخسارتهم لوزنهم بسرعةٍ “خيالية “. فهل التخلي عن اللحم يساوي تلقائياً خسارة الوزن؟ وهل سيساعدك حقاً على إطالة عمرك وتحسين صحتك العامة؟
الحكم: يمكن للنظام الغذائي النباتي أن يضر بالصحة إن لم تكن حذراً
أولاً، ممَّا يتشكَّل النظام الغذائي النباتي بالضبط؟
هنالك نوعان رئيسيان للنظام الغذائي النباتي: النظام النباتي الذي يسمح بتناول الألبان والبيض، والنظام النباتي الصِّرف.
ينتمي معظم النباتيين إلى المجموعة الأولى: في هذه المجموعة تُؤكل المنتجات اللاحيوانية فقط (الفواكه، الخضار، الحبوب، المكسرات، الصويا…إلخ)، ولكنَّ المنتجات الحيوانية الفرعية كاللبن والبيض مسموحةٌ أيضاً. بالنسبة للاحتياجات الغذائية، فإنَّ نباتيو الألبان والبيض لا يختلفون كثيراً عن آكلي اللحوم، وذلك وفقاً لاختصاصية التغذية كاثرين تالمدج “Katherine Tallmadge”، المتحدثة السابقة باسم أكاديمية علم التَّغذية.
أما النظام النباتي الصِّرف فيمتنع متّبعيه بشكلٍ كاملٍ عن كافة المنتجات الحيوانية مهما كانت، ونتيجة لذلك عليهم أن يكونوا حذرين جداً عند انتقائهم للأطعمة، وذلك من أجل أن يحصلوا على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجونها، هذا ما تؤكِّد عليه الدكتورة تالمدج (فرقائق البطاطا هي غذاء نباتي في النهاية).
ومع ذلك، يمكن أن يتفوَّق النظام الغذائي النباتي من الناحية التَّغذوية على جميع الأنظمة الغذائية الأخرى. وتقول تالمدج: “يمكن أن يكون أحد أفضل الطرق الغذائية الصحية، ذلك لأننا نعلم أنَّ الأطعمة النباتية غنيةٌ بالعناصر الغذائية التي تحمي صحتنا”.
قدَّمت أكاديمية علم التَّغذية بحثاً قائماً على الأدلة، يُظهر أنَّ النظام الغذائي النباتي يرتبط بانخفاض خطر الموت الناتج عن الدَّاء القلبي الإقفاري، ولوحظ عند النباتيين أنَّ كلاً من مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، ومعدلات فرط الضغط الشرياني، ومستوى ضغط الدَّم والسكري من النوع الثاني، هي كلها أقل مما هي عليه عند آكلي اللحوم. ويميل النباتيون لأن ينخفض لديهم مؤشر كتلة الجسم، بالإضافة للمعدل العام للإصابة بالسرطان والأمراض المزمنة.
لكن إذا كان صديقك النباتي يتناول الخضروات المقلية والأطعمة النباتية المُصنَّعة المرتفعة بالدُّهون يومياً على وجبة الغذاء، فهل من الممكن أن تكون صحته أفضل ممن يتناول السلمون المشوي على كلِّ وجبة غذاء؟ بالطبع لا!
تقول تالمدج: ” إنَّ النظام الغذائي النباتي لا يؤدي بالضرورة إلى خسارة الوزن، وخاصةً في حال اعتدت الذهاب إلى المطاعم بكثرة. لأنَّ الأطباق النباتية في المطاعم غالباً ما تحتوي على الجبن والمواد الدهنية المُسمِّنة”. قد يكون من الصَّعب العثور على المطاعم التي تُقدِّم الوجبات الجاهزة المحتوية على الصويا أو الفاصولياء والأرز، كما أنَّ أحجام حصص المعكرونة والأرز والمكسرات والجبن التي تُقدَّم في المطاعم كبيرة، ومن الممكن أن تُساهم في زيادة الوزن بسرعة. تُشير تلمدج إلى أنَّ الرغبة في تناول الوجبات الخفيفة القادرة على توفير كمية كافية من البروتين، هي السبب الذي يدفع النباتيين إلى تغيير رأيهم ليبدؤوا بتناول السمك.
إنَّ أهمَّ ما يجب أن يحرص عليه جميع النباتيين – مهما كان نوع النظام الذي يتبعونه – هو أن يتأكدوا من حصولهم على المواد الغذائية الرئيسية، بما فيها البروتين والأحماض الدهنية والحديد والزنك واليود والكالسيوم وفيتامينات D و B-12. تتمثل أهمية البروتين في بنائه للكتلة العضلية، ودعمه لوظيفة مركَّب الأمين، ومقاومة الأمراض والشفاء منها، لذا تأكَّد من حصولك على البروتين في كلِّ وجبةٍ على مدار اليوم لتضمن امتصاصه بالشكل الأمثل. تقول تالمدج: ” من أجل الحصول على الأحماض الأمينية والمواد الغذائية الضرورية، يجب على النباتيين أن يأكلوا بروتين الصويا، لأنَّه البروتين النباتي الوحيد الذي يُعتبر اكتماله مماثلاً لاكتمال البروتين الحيواني، أو يجب عليهم مزج الفاصولياء مع الحبوب”.
إذا كنت تنوي اتباع النظام النباتي فضع في الحسبان هذه النصائح التالية:
- يوجد العديد من الأبحاث التي تُثبت الفوائد الصحية لاتباع النظام الغذائي النباتي، لكن بشرط أن تتبعه بالطريقة الصحيحة دون أن تستبدل اللحوم بالمنتجات النباتية المصنعة أو المرتفعة بالدهون.
- يجب على كل من يتبع النظام النباتي الصِّرف، أو النظام النباتي الذي يسمح بتناول الألبان والبيض، أن يتأكد من حصوله على كمياتٍ كافيةٍ من العناصر الغذائية. من الجيد أن تقتني كتاباً لتثقيف نفسك حول الطريقة الصحيحة لاتباع النظام الغذائي النباتي، أو أن تستشير أخصائي تغذية ليُطلعك على الوجبات اليومية والخيارات المتاحة لك.
- احذر من كمية المكسرات التي تعتمدها في نظامك الغذائي كمصدرٍ للبروتين، وخاصة إذا كنت تحاول خسارة الوزن، فأونصة واحدة من المكسرات تحتوي تقريباً على 180 وحدة حرارية و5 غرامات من البروتين. فإذا كان من الضروري أن تحصل في كل وجبةٍ على 20 إلى 30 غرام من البروتين، فإنك ستضطر لتناول آلاف الوحدات الحرارية من مصدرٍ كالمكسرات لتحصل على كمية البروتين الكافية لصحةٍ جيدة، لكن بالرَّغم من اعتبار المكسرات أطعمة صحية، إلا أنَّها غنية بالدُّهون والوحدات الحرارية، لذا تأكَّد من تنويع مصادر البروتين النباتي لاستكمال نظامك الغذائي.