النباتيون هم الذين لا يأكلون اللحم أو السمك، ولكن هنالك أنواعاً مختلفة من النباتيين، فبعضهم يستهلك البيض ومنتجات الحليب، بينما يمتنع الأكثر تشدُّداً منهم امتناعاً كلياً عن كافة المنتجات الحيوانية بما فيها العسل، وبعض الناس يسمُّون أنفسهم بالنباتيين بالرغم من أنَّهم يتناولون السمك.
إنَّ تناول اللحم ليس شرطاً للحصول على جميع العناصر الغذائية اللازمة لصحة جيدة، إذ يمكن لمن يختار الامتناع عن اللحوم أن يتمتع بصحةٍ أفضل، لأن ذلك سيدفعه إلى تناول المزيد من الأغذية النباتية المصدر، وإلى أخذ المزيد من القرارات الغذائية الواعية.
تبيَّن أنَّ النظام الغذائي النباتي يُخفِّض خطر الأمراض القلبية، والسِّمنة، وارتفاع ضغط الدم، والسكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان، مما يُسهم في إطالة العمر المتوقَّع، كما يمكن أن يؤدي إلى خسارة الوزن.
حوالي 5 بالمئة من الناس في الولايات المتحدة الأميركية يصفون أنفسهم بأنهم نباتيين.
ستركِّز هذه المقالة على نباتيي البيض والحليب، أي الذين لا يستهلكون اللحوم ولا الأسماك ولا المنتجات المشتقة منهما، ولكنهم يتناولون البيض ومنتجات الحليب والعسل.
الطعام
يوفِّر النظام الغذائي النباتي مجموعة واسعة من الأطعمة الصحية المغذية، وبسبب اختلاف أنواع النباتيين تختلف أنواع الأطعمة التي يتناولونها، لكن القاسم المشترك هو النظام الغذائي المرتكز بشكلٍ عام على الأطعمة النباتية المصدر.
- نباتيو الألبان والبيض يتجنبون جميع أنواع اللحوم، أي لحوم الحيوانات والأسماك
- نباتيو الأسماك يتناولون الأسماك، ولكن لا يتناولون أنواع اللحوم الأخرى
- نباتيو الألبان يستهلكون منتجات الألبان، ولكن لا يتناولون البيض
- نباتيو البيض يستهلكون البيض، لكن لا يستهلكون الحليب ومشتقاته
- متبعو النباتية الصِّرفة يتجنبون كل الأغذية المشتقة من الحيوانات بما فيه العسل
بعض الناس يسمون أنفسهم “بشبه نباتيين”، لكن معظم مجتمعات النباتية والنباتية الصِّرفة لا تقبل هذا المصطلح.
يجب على النباتيين أن ينتقوا بعنايةٍ خياراتهم الغذائية، وأن يحرصوا على تناول مجموعة واسعة ومتنوعة من الأطعمة ليتأكدوا من حصولهم على متطلباتهم الغذائية، هذا وقد يضطَّر بعض متبعي النباتية الصِّرفة إلى تناول المكملات الغذائية.
اعتماد النظام الغذائي النباتي
يجب على الأهل المسؤولين عن أولاد نباتيين أن يحرصوا على تزويد أبنائهم بجميع العناصر الغذائية الرئيسية.
الأطفال والمراهقين هم من ضمن الفئات العمرية التي تُقرِّر اعتماد النظام الغذائي النباتي، إذ أنَّ الإحصائيات تُشير إلى أنَّ نسبة النباتيين الذين تتراوح أعمارهم من 8 إلى 18 سنة بلغت 3 بالمئة في الولايات المتحدة الأميركية.
يجب على كلِّ من ينوي اعتماد النظام الغذائي النباتي، أن يُثقِّف نفسه لكي يتأكَّد من حصوله على العناصر الغذائية الرئيسية باستمرار. ومن واجب الأهل المسؤولين عن أولادٍ نباتيين أن يوضحوا لأبنائهم أنَّ اعتماد النباتية لا يقتصر فقط على تجنُّب اللحوم، بل من المهم تنويع الأطعمة للحصول على جميع العناصر الغذائية الضرورية للصحة.
يمكنك أن تصبح نباتياً دفعة واحدة، ولكن التبنِّي التَّدريجي للنباتية سيكون أفضل لك لسببين، هما:
- التَّغيير التَّدريجي في العادات الغذائية سيسمح بترسيخ العادات الجديدة لتصبح جزءاً ثابتاً ودائماً من الحياة اليومية.
- التَّغيير المفاجئ في العادات الغذائية يمكن أن يؤثِّر في البداية على الجهاز الهضمي لبعض الناس. فيمكن مثلاً للتَّغييرات التي تطرأ على الميكروبات المعوية أن تؤدي إلى النفخة المؤقتة، كما أنَّ فقدان الجسم للبروتين الحيواني بشكلٍ مفاجئ، قد يؤدي إلى إطالة المدَّة التي تحتاجها العضلات لترميم نفسها.
الاستبدال التَّدريجي للحوم بالمزيد من الخضروات والفواكه والبقوليات كالفاصوياء والعدس والحبوب الكاملة، يمكن أن يُقلِّل من هذه الآثار. وهنالك طريقة أخرى تتمثل بالبدء بالأطعمة المألوفة لك والخالية من اللحم، كالمعكرونة بالجبنة والسلطة قبل الانتقال إلى الاعتماد الكامل على مكونات ووصفات جديدة.
توصي جمعية التغذية الأميركية جميع الذين يريدون التوقُّف عن تناول اللحم باتباع النصائح التالية:
- اختر منتجات الحبوب الكاملة كخبز القمح الكامل والأرز البري أو البني.
- اتبع النظام الغذائي المُنوَّع، أي المشتمل على الحبوب الكاملة والفواكه والخضار والبقوليات والمكسرات وغيرها.
- استهلك البيض ومنتجات الحليب ومشتقاته باعتدال، إذا كان ذلك ممكناً.
- احرص دائماً على إدخال مصادر فيتامين B12.
- تأكد من حصولك على كمية كافية من فيتامين D، خاصَّة إذا كنت لا تتعرَّض للشمس بشكلٍ كاف.
كما توصي الجمعية أيضاً بتقليل استهلاك الأطعمة الغنية بالسكر والدُّهون وخاصة الدُّهون المتحولة.
المخاطر
من الضَّروري أن تُدخل مصادر جميع العناصر الغذائية إلى النظام الغذائي النباتي، لأنَّ خلوه من المنتجات الحيوانية قد يجعله مفتقراً لتلك المصادر.
يجب أن لا ننسى أنَّ الأغذية المُصنَّعة والوجبات السريعة الجاهزة غالباً ما تكون مرتفعة بالسُّعرات الحرارية، حتى ولو كانت نباتية، لذا يجب عدم الإكثار منها.
الناس الذين لا يستهلكون اللحم أو السمك يمكن أن تفتقر أجسامهم لعناصر غذائية معينة، خاصة إذا كانوا لا يستهلكون البيض أو منتجات الحليب ومشتقاته.
تشمل العناصر الغذائية التي يمكن أن يفتقر إليها النباتيون:
مصادر الحديد الجيدة تشمل الأعشاب البحرية كالنوري ( نوع من الطحالب البحرية )، وحبوب الإفطار المُدعَّمة والبقوليات كالفاصولياء والعدس والفواكه المُجفَّفة كالتين والبروكلي وغيرها. استهلاك هذه الأطعمة إلى جانب الأغذية الغنية بفيتامين C كالحمضيات والطماطم مثلاً سيساعد الجسم على امتصاص الحديد.
الحليب واللبن هما مصدران مهمان للكالسيوم، لذا يمكن للنباتيين الذين يتجنبون منتجات الحليب ومشتقاته أن يحصلوا على الكالسيوم من التوفو، وحليب الصويا المُدعَّم، والخضار الورقية الخضراء، والتين المجفف.
من المهم بصفةٍ خاص بالنسبة للأطفال والمراهقين النباتيين أن ينظِّموا استهلاكهم للعناصر الغذائية، لأنَّ أجسادهم مازالت في مرحلة النمو، فاستهلاك الكالسيوم على سبيل المثال يمكن أن يُؤثِّر على صحة العظام على المدى البعيد.
حليب الصويا وحبوب الإفطار المُدعَّمة يمكن أن يساعدا في تركيب فيتامين D، لكن التعرُّض لأشعة الشَّمس هو أمرٌ هامٌّ أيضاً.
استناداً لمنظمة صحة الطفل، لم يعد من الضَّروري مزج البروتينات في الوجبة للحصول على البروتين التَّام، إذ يكفي الحفاظ على توازن النظام الغذائي الصحي خلال اليوم. تشمل مصادر البروتين كلاً من البيض والحليب وحليب الصويا وزبدة المكسرات والبذور والبقول والحبوب.
إنَّ النباتيين ومتبعي النباتية الصِّرفة هم أكثر عرضة للإصابة بعوز فيتامين B12 مقارنة بالذين يستهلكون المنتجات الحيوانية. لأنَّ جسم الإنسان غير قادر على الانتفاع من هذا الفيتامين إذا كان مصدره نباتياً، لذا يُنصح بتناول الأطعمة المُدعَّمة للذين لا يستهلكون البيض أو منتجات الحليب، كما يمكن أن تكون المكملات الغذائية ضرورية.
منتجات الحليب تُوفِّر الزنك طبيعياً، ولكن حبوب الإفطار المُدعَّمة والفاصولياء المجفَّفة والمكسرات ومنتجات الصويا يمكنها أن تُعوِّض عن منتجات الحليب. الزنك هو عنصرٌ غذائيٌّ هامٌ يلعب دوراً في الاستقلاب الخلوي وتقوية الجهاز المناعي.
اتباع النباتية لن يضمن الصحة الجيدة أو التغذية الجيدة، فكلُّ الناس معرضون للخطر في حال استهلكوا الكثير من السُّعرات الحرارية، والوجبات الخفيفة الغير صحية، والكثير من الكربوهيدرات المنقاة، ومنتجات الحليب الكامل والأطعمة الجاهزة، سواء كانت مكونة من أطعمة حيوانية أو نباتية.
نصائح
أصبحت المنتجات النباتية متوفِّرة لكلِّ من لا يجد وقتاً للطهي، أو لمن لا يثق بقدراته في الطبخ، فمعظم المطاعم الآن تقدم خيارات الأطعمة النباتية، التي تشمل الوجبات الجاهزة وشطائر البرغر والنقانق النباتية.
إنَّ اتباع النظام الغذائي النباتي يمكن أن يُشجِّع على تعلُّم مهارات طهي جديدة، فالذين يطهون بأنفسهم قادرين على التأكُّد من محتويات وجباتهم، وفيما يلي بعض الأفكار لوجبات ومقبلات خفيفة وخالية من اللحوم، ويوصي بها أخصائيي التَّغذية:
- فطيرة القرنبيط الطَّرية (مع البيض)
- حساء الفطر مع المعكرونة
تاريخ النباتية
أقدم سجلات النباتية تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد في الهند واليونان والحضارة الإغريقية في جنوب إيطاليا، وكانت نابعة من الرَّغبة بعدم أذية الحيوانات.
اختفت الآثار المُبكِّرة للنباتية في أوروبا مع دخول المسيحية إلى الإمبراطورية الرومانية. لكن الكثير من القوانين التي أطلقها الرهبان في أوروبا في العصور الوسطى إمَّا منعت أو حدَّت من استهلاك اللحم، كتعبيرٍ عن التَّضحية الشخصية أو التزهُّد، لكنهم كانوا يتناولون السمك.
في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، عادت وظهرت النباتية في المجتمع الغربي، ومع استمرار الدراسات الساعية لإثبات فوائد النظام الغذائي النباتي، سيزداد عدد الناس الذين سيعتمدون النباتية.