إن مرض الزهري هو عدوى بكتيرية تُسببها الجرثومة الملتوية اللولبية الشاحبة، ويمكن أن ينتقل جنسياً أو من الأم لطفلها أثناء الحمل، وفي حال عدم معالجتها فإنه يمكن أن تؤدي إلى نتائج كارثية على الجنين في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، وإن معظم حالات عدوى الزهري الموروثة من الأم تكون عديمة الأعراض ( أي أعراض المرض غير ظاهرة)، ولكن يبقى هذا المرض في أكثر من نصف حالاته سبباً لنتائج سلبية على الحمل والتي تشمل الحالات التالية : الموت المبكر للجنين، وولادة الجنين الميت، والولادة المبكرة، وولادة طفل وزنه أقل من الوزن الطبيعي، وموت الطفل الحديث الولادة، والعدوى الخلقية لدى الأطفال حديثي الولادة.
“إن تدخل الجهة المسؤولة عن الصحة العامة من خلال إجراء فحص لمرض الزهري في مرحلة ما قبل الولادة يعتبر طريقة فعالة، وذلك لأنه يوفر التكاليف في حالات الانتشار العالية للمرض، ويعطي أيضاً نتائج فعالة مقابل كلفة قليلة حتى عندما تكون نسبة انتشار المرض أقل من 1%”
وذلك وفقاً لدراسة بعنوان مرض الزهري الخلقي ومرض الزهري الموروث من الأم 2008-2012: وهي دراسة لمجلة لانسيت الطبية عن صياغة أنظمة الصحة. |
في عام 2008 قَدرت منظمة الصحة العالمية بأن 1.4 مليون حالة على المستوى العالمي من حالات عدوى مرض الزهري الموروث من الأم قد تسببت في 520 ألف نتيجة سلبية على الحمل، ولتقييم مدى التقدم في هذا المجال قمنا بتحديثٍ لتقديرات عام 2008 (المستندة على معطيات جمعت بين عامي 2000 و 2008) وقارناها مع تقديرات عام 2012 (المستندة على معطيات جمعت بين عامي 2009 و 2012)، وأظهرت النتائج في عام 2012 أن هنالك حالات من عدوى مرض الزهري الموروث من الأم والتي قدر عددها ب 930 ألف حالة كانت قد تسببت في 350 ألف نتيجة سلبية على الحمل بما فيها 143 ألف حالة من الموت المبكر للجنين وولادة الجنين الميت، و62 ألف حالة موت للأطفال الحديثي الولادة، و44 ألف حالة ولادة مبكرة أو ولادة طفل وزنه أقل من الوزن الطبيعي، و102 ألف طفل مصاب بالعدوى وذلك على المستوى العالمي.
حوالي 80% من النتائج السلبية (274,000) حدثت لدى النساء اللواتي تلقين الرعاية الطبية في مرحلة ما قبل الولادة لمرة واحدة على الأقل، وبمقارنة التقديرات المُحدَّثة لعام 2008 بتقديرات عام 2012 نجد أن مرض الزهري الموروث من الأم قد انخفض بنسبة 38% (أي من 1,488,394 حالة في عام 2008 إلى 927,936 حالة في عام 2012) أما مرض الزهري الخلقي فقد انخفض بنسبة 39% (أي من 576,784 حالة إلى 350,915 حالة)، وانحصرت نسبة 65% من الانخفاض في الهند لوحدها، وعلى الرغم من استثناء التحليل للهند ولكنه ما زال يُظهر انخفاض بنسبة 18% في حالات مرض الزهري الخلقي ومرض الزهري الموروث من الأم على الصعيد العالمي.
يمكن تحقيق المزيد من التقدم وذلك إذا استمر العالم بالعمل نحو تحقيق أهداف المبادرة العالمية التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية عام 2007 للقضاء على مرض الزهري الذي ينتقل من الأم إلى الطفل، وهذه المبادرة لم تدعو فقط لتعزيز المراقبة من أجل رصد التقدم في هذا المجال، بل دعت أيضاً بوجوب فحص 95% من كل النساء الحوامل للكشف عن مرض الزهري، وبوجوب تقديم العلاج ل 95% من اللواتي وجد بأنهن مصابات بالزهري. ويعتبر دواء بنزاثين بنسيلين “Benzathine penicillin” بأنه علاج فعال لمرض الزهري لكل من المرأة الحامل والطفل الحديث الولادة، وعلى كل حال يوجد حول العالم عددٌ من البلدان التي أبلغت عن نقص في المضادات الحيوية اللازمة للعلاج، وسوف ينشر قريباً تقريران يتناولان هذه المشكلة بمزيد من التفاصيل.