كيفية السيطرة على الضغط النفسي لدى الأطفال

الأطفال بحاجة أيضاً لتفريغ الضغط النفسي

ينظر معظم الناس للأطفال على أنهم مخلوقات غير مبالية، وأن حياتهم تخلو من الهموم، وهواجسهم الرئيسية هي الجراء الصَّغيرة وقوس قزح، ومع ذلك، فإن أيَّ أحدٍ منا اختبر أثناء اللعب في عمر السِّت سنوات إهانةً أعادته للمنزل راكضاً وغارقاً بدموعه، سيعرف أن حياة الطِّفل لا تخلو من القلق والخيبات التي تستنزفه عاطفياً مثله مثل أيِّ بالغٍ.

يقول بيث بلوك “Beth Block”، وهو معالجٌ مختصٌّ في شؤون العائلة والزَّواج في أوستن بولاية تكساس: ” إن أيَّ ظرفٍ لا نُسيطر عليه يمكن أن يؤدي للقلق والإجهاد النَّفسي”. والأطفال يواجهون أيضاً الكثير من الأمور التي لا يقدرون على السَّيطرة عليها، كموعد وجبات الطَّعام، وموعد النَّوم، والوقت المحدَّد لإنهاء نزهةٍ ما، لذا فإنَّ الطَّريقة لمساعدة أطفالك للتَّأقلم على نبال وسهام الضَّغط النَّفسي الطفولي (وما يتليه من ضغطٍ نفسيٍّ في مرحلتي المراهقة والبلوغ) تكمن في أن تعيد لهم بعض سبل السَّيطرة على حياتهم، ويتمُّ ذلك من خلال تعليمهم بعض تقنيات تهدئة النَّفس البسيطة، والتي ستساعدهم على الاسترخاء وتجميع الذَّات.

إليكم 6 نصائح يقدمها لكم الخبراء، لمساعدة أبنائكم على الخروج من حالة الانهيار، ليستعيدوا هدوئهم بعد مشاجرةٍ مع الأصدقاء، أو ليتجاوزوا الخوف المرافق لتعبئة طلب الالتحاق بالجامعة. (وعلاوةً على ذلك، فإن تلك التقنيات سوف تفيدك أنت أيضاً ).

كيف نقنع الأطفال باستخدام طرق تفريغ الضَّغط النَّفسي هذه؟

طبابة نت - كيفية التفريغ النفسي عند الأطفال

” اعرض عليهم تلك الطُّرق عندما تهدأ الأوضاع ” هذا ما أجابته سوزان كايسر غرينلاند ” Susan Kaiser Greenland “، مبتكرة برنامج الأطفال الداخليين، وهو منهجٌ تدريسيٌّ دوليٌّ للتأمل للأطفال، ومؤلفة كتاب The Mindful Child، وتضيف سوزان بالقول: ” إذا تعلَّموا كيفية تطبيق هذه التقنيات في الأوقات التي يكونون فيها بحالة استرخاء، فستتحسَّن قدرتهم على تطبيقها بفعالية حين يكونون تحت تأثير الضَّغط النَّفسي”، وبالفعل، فإنَّ امتلاكهم لهذه القدرة هو بمثابة منفذٍ لتخفيف العبء والتَّوتُّر.

 تقنيات تفريغ الضَّغط النَّفسي

1-التَّأمل

سبب فعالية هذه الطَّريقة: هذه التِّقنية الأساسية مبنية على نوعِ من أنواع التَّأمل يُدعى بالتَّأمل الواعي، ويقول داني دراير “Danny Dreyer”، وهو معلمٌ مختصٌ بالجسد والعقل في آشفيل بولاية كارولينا الشَّمالية، ومؤلفٌ مساعدٌ لكتاب “Chi running “: ” يتمثَّل التَّأمل الواعي بالتركيز على الأحاسيس البدنية، بدلاً من مشاعر وأفكار الذِّهن الجامحة”.

كيفية تعليمها للطِّفل: لشرح تقنية التَّأمل الواعي اطلب من طفلك أن يفكر بكرةٍ ثلجيةٍ، وفسِّر له أن خضَّ تلك الكرة سيجعل الرُّؤية من خلالها غير واضحة، وهذا ما يحدث لنا عندما يكون ذهننا غارقاً بالأفكار، كأن نفكِّر مثلاً: ” صديقي المقرَّب يكرهني” أو ” لن أجتاز هذا الامتحان أبداً “، وعندما نتوقف عن التَّفكير تستقرُّ المشاعر ( مثل الثَّلج في الكرة )، ونصبح قادرين على التَّركيز.، ثم اطلب من طفلك أو طفلتك أن تُغمض عينيها، وتركِّز على احساسٍ بدنيٍّ واحدٍ، ثم وجِّه تفكيرها بأن تطلب منها أن تفكِّر بقدميها، واسألها إن كانت تشعر بهما يلامسان الأرض، وعن ما تشعر تجاه أصابع قدميها، ودرِّب الأطفال الصِّغار على التنفس لخمس أو عشر مراتٍ، أثناء الاستمرار بالتَّركيز على ذلك الشُّعور، أما بالنسبة للأطفال الأكبر في العمر، فيمكنهم ممارسة تلك التقنية لمدة دقيقة أو أكثر.

أوقات ممارسة التقنية: يمكن أن يمارس الطفل التأمل الواعي عندما يشعر بالغضب أو القلق حيال اختلال روتين حياته، أو في أيِّ وقتٍ يشعر فيه بالإرباك.

2-التنفس العميق

سبب فعالية هذه الطَّريقة: تقول دكتورة الطب سوزان بيالي “Susan Biali” مؤلفة كتاب ” Live a Life You Love  “: إن التَّنفس بعمقٍ يرسل رسالةً مُهدئةً إلى الجهاز العصبيِّ، تُثير استجابة الاسترخاء المُتمثِّلة بتباطئ دقات القلب، وانخفاض ضغط الدَّم، وارتخاء العضلات.

كيفية تعليمها للطفل: اجعل الطفل يجلس أو يستلقي، ودرِّبه على إدخال النَّفس وإخراجه من الأنف، لكي يمتلئ بطنه بالهواء ويفرغه مجدداً، أما بالنسبة للطفل الأصغر سناً، فدرِّبه على ملئ بطنه كالبالون عند الشَّهيق، ومن ثم ترك الهواء يخرج كما لو أنه ينفخ الماء من أنفه، كما يمكنك أن تطلب منه أن يضع يده على بطنه، ويحركها للأعلى وللأسفل مع كل نفسٍ يأخذه، أما بالنسبة للأولاد الأكبر بالعمر، فاطلب من الولد أن يتخيَّل أثناء التَّنفس أنه يدخل مع الشَّهيق الرَّاحة والطمأنينة، ويخرج مع الزَّفير الإحباط والتَّوتر.

أوقات ممارسة التقنية: عند الاستلقاء في السَّرير مباشرة قبل النَّوم، أو في المدرسة قبل البدء بامتحانٍ مهم، أو خلال جلسة إنجاز واجباتٍ مدرسية مهمة، أو في أيِّ وقتٍ يحتاج فيه “لإراحة عقله”.

3-الاستماع للموسيقى

طبابة نت - كيفية التفريغ النفسي لدى الأطفال

سبب فعالية هذه الطَّريقة: أظهرت الدِّراسات أن الموسيقى الهادئة تُخفِّض من معدل دقات القلب، وضغط الدَّم، ومستويات هرمون التَّوتر، كما أنها تُلطِّف المزاج.

كيفية تعليمها للطفل: شغِّل أنواعاً مختلفةً من الموسيقى (كلاسيكية، موسيقى جيتار، تهويدات) في السَّيارة أو قبل النَّوم، واسأل الطفل عن شعوره تجاه الموسيقى التي يسمعها، هل تشعره بالهدوء أو السَّعادة؟، فتقول لوري لايت “Lori Lite”، خبيرة تخفيض الإجهاد النَّفسي للأطفال في ماريتا بولاية جورجيا، ومؤلفة سلسلة: ” Indigo Dreams ” يجب أن تلفت انتباهه إلى كيفية تأثير الموسيقى إيجاباً على جسده وعقله “.

أوقات ممارسة التقنية: حين يشعر بالخوف، أو عندما يستيقظ في منتصف الليل، فبدلاً من أن يلجأ لك يمكنه أن يستمع للموسيقى.

4-التَّصور

طبابة نت - كيفية التفريغ النفسي لدى الاطفال

سبب فعالية هذه الطَّريقة: يقول بلوك: ” إن تعليم الأطفال على طريقةٍ – حتى ولو كانت تخيليَّة – للتعامل مع مشاعرهم الحزينة، سيساعدهم في السَّيطرة على تلك المشاعر، وسيحول انتباههم نحو الأفكار الإيجابية”.

كيفية تعليمها للطفل: يقول لايت: ” طريقة الفقاعات هي طريقةٌ رائعةٌ لمساعدة الأطفال في التَّدرُّب على تصوُّر المشاعر، ومن ثم تخطِّيها”، فاستخدام الفقاعات الحقيقية يُوفِّر مساعدةً بصريةً ممتعةً، أو يمكنك ببساطة التَّظاهر باستخدامها، من خلال جعل الأطفال يتخيلون بأنهم يملؤون الفقاعات بالمشاعر السَّلبية، وهم يشاهدونها تطير بعيداً، ويقول لايت : ” يمكن للأطفال الأصغر سناً أن ينقروا الفقاعة لتتلاشى أثناء هبوطها نحو الأرض”، ويُضيف : ” ويوجد تقنيةٌ أخرى تتمثَّل بجعلهم يتخيَّلون بأنهم يملؤون الفقاقيع بالصَّبر أو القوَّة أو بأيِّ صفةٍ هم بحاجةٍ ماسةٍ لها، ومن ثمَّ يُرسلونها خارجاً للعالم”.

أوقات ممارسة التقنية: لتخطِّي المزاج الحزين (تخيَّل بأنك تملأ الفقاعات بالأحزان)، أو في الليلة التي تسبق الفصل الدراسي الجديد (أرسل أيَّة مخاوفٍ داخل الفقاعات)، وعند العودة من المدرسة إلى المنزل (قم حرفياً بنفخ الفقاعات بعيداً، كما لو أنك تُبعد كلَّ القلق الذي واجهته خلال اليوم).

5-التَّصور الموجَّه

سبب فعالية هذه الطَّريقة: اطلب من طفلتك أن تتخيَّل نفسها في وضعٍ تشعر فيه بالاسترخاء، وتكلَّم معها خلال ممارسة ذلك، فصوتك سيهدئها وسيساعدها على التَّركيز من خلال إعطائها توجيهات تتَّبعها.

كيفية تعليمها للطفل: اطلب من الطفل الاستلقاء على السَّرير، واجعل إضاءة الغرفة خافتةً، وقل له : ” تخيَّل أن فراشك مصنوعٌ من الرِّيش، وأنه ناعمٌ ومريحٌ للغاية، لدرجة أنَّك غير قادرٍ حتى على الحركة”، ثم بدءاً من القدمين، اطلب منه أن يتخيَّل أن شعاع الضَّوء الخافت يسكن داخل أصابع قدميه. تقول ليندا سبارو “Linda Sparrowe” مؤلفة كتاب ” The Woman’s Book of Yoga and Health  “: ” يجب البدء من القدمين، لتُبعد انتباه طفلك عن رأسه، وتوجِّهه إلى داخل جسده، مما يعني أنَّه سيكون أقلَّ عرضة للتَّفكير بالأفكار المُقلقة والمشتِّتة”، ومن ثمَّ اشرح له كيف يصعد الضَّوء ببطءٍ خلال كاحليه ليصل إلى ساقيه، ومن ثمَّ ركبتيه وفخذيه ووركيه، لينتقل إلى بطنه ثم صدره وذراعيه ورقبته، وأخيراً إلى رأسه، وهو يبعث الدِّفئ في الجسد أثناء انتقاله.

أوقات ممارسة التقنية: عند الاستعداد لنومٍ عميقٍ، وعند الاستلقاء عند الطَّبيب في انتظار أخذ حقنة.

6-تكرار كلماتٍ مُطمئنة

سبب فعالية هذه الطَّريقة: هذه الطَّريقة هي صيغةٌ مُبسَّطةٌ لتقنية المانترا، والمانترا هي كلمةٌ سنسكريتية تعني في إحدى ترجماتها (أداة العقل)، والتي تشمل تكراراً مريحاً لكلماتٍ خاصة ومعينة، فعندما يوجِّه الذِّهن تركيزاً متواصلاً لعبارةٍ واحدةٍ، سيكون أقل عرضة للتشتُّت (إن هذا مماثلٌ لما يحدث حين تعطي الجرو لعبةً للمضغ).

كيفية تعليمها للطفل: تقول سبارو: قل أنت وطفلك سويةً: “أنا”، ومن ثم خذا مع بعضكما نفساً، وبعد أن تخرجا كلاكما    زفيراً قولا: “مُسترخي”. بالنسبة للأطفال الأصغر بالسِّنِّ، يمكنك تكرار ذلك معه بصوتٍ عالٍ ولعدة مراتٍ، وفي النِّهاية سيستطيع أن يكرِّر المانترا في ذهنه، وبذلك سيكون قادراً على استخدامها في أيِّ وقتٍ يحتاج به للهدوء.

أوقات ممارسة التقنية: عند الشُّعور باستياءٍ أو غضبٍ أثناء اللعب، أو عند زيارة طبيب الأسنان، أو مباشرةً قبل العزف على البيانو أو قبل امتحانٍ هام.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top